ويفصل الغزالي الحديث عن معتقد الإسماعيلية في الإلهيات –وكأني به وقد اطلع على جل كتبهم في هذا الباب- بصورة أكثر تفصيلاً وبصيغة الإجماع كذلك يقول عنهم: وقد اتفقت أقاويل نقلة المقالات من غير تردد أنهم قائلون بإلهين قديمين لا أول لوجودهما من حيث الزمان إلا أن أحدهما علة لوجود الثاني واسم العلة السابق واسم المعلول التالي وأن السابق خلق العالم بواسطة التالي لا بنفسه وقد يسمى الأول عقلاً والثاني نفساً ويزعمون أن الأول هو التام بالفعل والثاني بالإضافة إليه ناقص لأنه معلوله وربما لبسوا على العوام مستدلين بآيات من القرآن عليه كقوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:٩]، نَحْنُ قَسَمْنَا [الزخرف:٣٢] وزعموا أن هذه إشارة إلى جمع لا يصدر عن واحد ولذلك قال: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [الأعلى:١]، إشارة إلى السابق من الإلهين فإنه الأعلى ولولا أن معه إلهاً آخر له العلو أيضاً لما انتظم إطلاق الأعلى وربما قالوا: الشرع سماهما باسم القلم واللوح والأول هو القلم فإن القلم مفيد واللوح مستفيد متأثر والمفيد فوق المستفيد. وربما قالوا اسم التالي القدر في لسان الشرع وهو الذي خلق الله به العالم حيث قال: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:٤٩].
المصدر:أصول الإسماعيلية لسليمان بن عبد الله السلومي – ص ٥٣٥