للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلخ وهناك يحاسب الخلق ويتميز الخير عن الشر والمطيع عن العاصي وتتصل جزئيات الحق بالنفس الكلي وجزئيات الباطل بالشيطان المضل المبطل فمن وقت الحركات إلى وقت السكون هو المبدأ ومن وقت السكون إلى ما نهاية له هو الكمال (١).ويقسم الإمام ابن تيمية المنكرين للمعاد فيقول إن طوائف من الكفار والمشركين ينكرون المعاد بالكلية فلا يقرون لا بمعاد الأرواح ولا الأجساد وأما المنافقون من هذه الأمة الذين لا يقرون بألفاظ القرآن والسنة المشهورة فإنهم يحرفون الكلام عن مواضعه ويقولون هذه أمثال ضربت لفهم المعاد الروحاني وهؤلاء مثل القرامطة الباطنية الذين قولهم مؤلف ممن ضاههم من كاتب أو متطبب أو متصوف كأصحاب سائل إخوان الصفا وغيرهم أو منافق هؤلاء كلهم كفار يجب قتلهم باتفاق أهل الإيمان فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد بين ذلك بيانا شافيا قاطعا للعذر وتواتر ذلك عند أمته خاصها وعامها وقد ناظره بعض اليهود في جنس هذه المسألة وقال يا محمد أنت تقول أن أهل الجنة يأكلون ويشربون ومن يأكل ويشرب لا بدل له من خلاء فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((رشح كرشح المسك, ويجب على ولي الأمر قتل من أنكر ذلك ولو أظهر التصديق بألفاظه فكيف بمن ينكر الجميع (٢) ........... ويشارك العلوي من سبقه في نقل مذهب الإسماعيلية عن القيامة وأحوال المعاد فيقول: إنهم اتفقوا من عند آخرهم على إنكار القيامة ولم يثبتوا الحشر والنشر وإعادة الأجساد ولا الجنة والنار على حد ما وردت به الشريعة ونطق به الأنبياء. وتأولوا القيامة وقالوا إنها إشارة إلى خروج الإمام وقيام قائم الزمان وهو السابع الناسخ للشرع المغير للأمر (٣).

وتحدث الملطي عن معتقدهم في الأخرويات بشيء من التفصيل والبيان فقال: إنهم زعموا أنه لا جنة ولا نار ولا بعث ولا نشور وأن من مات بلى جسده، ولحق روحه بالنور الذي تولد منه حتى يرجع كما كان. وزعموا أن كل ما ذكره الله عز وجل في كتابه من جنة ونار وحساب وميزان وعذاب ونعيم فإنما هو في الحياة الدنيا فقط من الأبدان الصحيحة والألوان الحسنة والطعوم اللذيذة والروائح الطيبة والأشياء المبهجة التي تنعم فيها النفوس والعذاب هو الأمراض والفقر والآلام والأنصاب وما تتأذى به النفوس وهذا عندهم الثواب والعقاب على الأعمال (٤).

إن هذه النصوص تعتبر صورة واضحة لمعتقد الإسماعيلية في القيامة والمعاد وسائر أمور الآخرة وهذه المصادر ملزمة لأنها مصادرهم ومؤلفاتهم مباشرة وتتأكد أكثر حينما نجد علماء المسلمين الكاشفين لأسرارهم يصلون إلى النتائج الثابتة في مصادر الإسماعيلية ومن خلال هذه النصوص مجتمعة نستخلص معتقدهم في هذا الفصل بالصورة التالية:

أن معتقد الإسماعيلية في أمور الآخرة مبني على بعض أصولهم الإلحادية ومن هذه الأصول التي انطلقوا منها عن أمور الآخرة:

أولا: القول بالظاهر والباطن حيث اعتبروا جميع ما ورد في القرآن وعلى لسان الرسول صلى الله عليه وسلم من الموت وعذاب القبر والجنة والنار كل هذه الأمور لها باطن غير المعروف والواضح لدى المسلمين.


(١) ((الملل والنحل)) للشهرستاني (١/ ١٩٤).
(٢) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٤/ ٣١٤ – ٣١٥).
(٣) ((الأنعام لأفئدة الباطنية الطغام)) (ص١١٦).
(٤) ((التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع)) (ص٢٠ - ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>