وبعد هذه المقدمة العامة يمكن ذكر نماذج من تطبيق شيخ الإسلام لهذا الأصل في ردوده ومناقشاته للأشاعرة، ومنها:
١ - إذا كان التجسيم لازما لبعض الصفات فهو لازم للصفات التي أثبتموها، وبالعكس، أي إذا لم يكن التجسيم لازما للصفات التي أثبتموها، فلا يلزم في الصفات التي نفيتموها، وهكذا. والنتيجة أنكم إما أن تثبتوا جميع الصفات لأنها لا تستلزم التجسيم، أو تنفوها كلها لاستلزامها التجسيم.
وهذا وارد في جميع الصفات التي نفاها متأخرو الأشاعرة كصفة الرضا، والغضب، والرحمة، والوجه، واليد، والاستواء، والمجيء وغير ذلك. وقد بدأ شيخ الإسلام تقرير هذا بأن نفاة الصفات من المعتزلة والجهمية والقرامطة والباطنية ومن وافقهم من الفلاسفة، يقولون:"إذا قلتم: إن القرآن غير مخلوق، وإن لله تعالى علما، وقدرة، وإرادة، فقد قلتم بالتجسيم؛ فإنه قد قام دليل العقل على أن هذا يدل على التجسيم؛ لأن هذه معاني لا تقوم بنفسها، لا تقوم إلا بغيرها، سواء سميت صفاتا أو أعراضا، أو غير ذلك، قالوا: ونحن لا نعقل قيام المعنى إلا بجسم، فإثبات معنى يقوم بغير جسم غير معقول"(١).