للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كتابه (أصول الدين) ذكر أن طائفة الباطنية خارجة عن فرق الأهواء وداخلة في فرق الكفر الصريح لأنها لم تتمسك بشيء من أحكام الإسلام في أصوله ولا في فروعه وأن دعاتهم خالفوا المسلمين في التوحيد والنبوات وفي تأويل الآثار والآيات وأنهم كانوا دعاة المجوس بالتمويه إلى دين الثنوية. وبعد أن يستعرض عقائدهم يقول: واختلف أصحابنا في حكمهم فمنهم من قال هم مجوس وأجاز أخذ الجزية منهم وحرم ذبائحهم ونكاحهم ومنهم من قال حكمهم حكم المرتدين إن تابوا وإلا قتلوا وهذا هو الصحيح عندنا ثم ساق البغدادي بعد ذلك فتوى الإمام مالك في الباطني والزنديق قال عنهما إن جاءا تائبين ابتداء قبلنا التوبة منهما وإن أظهرا التوبة بعد العثور عليهما لم تقبل التوبة منهما وأن هذا هو الأحوط فيهم (١).وتحدث ابن حزم عن دار الإسلام ودار الحرب واعتبر أن الأراضي التي حكمها بعض الفرق الباطنية تعتبر دار كفر وذلك لصريح كفرهم وذلك كالقرامطة مثلا وهم من فرق الإسماعيلية وأما ديار العبيديين لظهور الإسلام فيها فإنها وإن حكمها العبيديون تعتبر دار إسلام وإن كان حكامها في حقيقة أمرهم كفارا يقول ابن حزم عن ذلك إن من سكن في طاعة أهل الكفر من الغالية كالعبيديين ومن جرى مجراهم لا يعتبر كافرا لأن أرض مصر والقيروان وغيرهما الإسلام فيها هو الظاهر وولائهم على كل ذلك لا يجاهرون بالبراءة من الإسلام بل إلى الإسلام ينتمون وإن كانوا في حقيقة أمرهم كفارا وأما من سكن في أرض القرامطة مختارا فكافر بلا شك لأنهم معلنون بالكفر وترك الإسلام (٢).وفي موضع آخر يقول عن الإسماعيلية أنها طائفة مجاهرة بترك الإسلام جملة وقائلة بالمجوسية المحضة (٣).

فابن حزم يجزم بكفر القرامطة والعبيديين وهما من الإسماعيلية حيث الأولى فرقة من فرقهم وأما العبيديون فإنهم أئمة الإسماعيلية في فترة الظهور وعددهم اثنا عشر حاكما. ويفصل الديلمي حكمه على طائفة الباطنية وفرقها فيقول إن الذي يدل على كفر الباطنيين وجوه كثيرة وذكر منها عشرين وجها ثم قال إن دلائل كفرهم مترتبة على أمور ثلاثة اعتقادات وأقوال وأفعال ومتى حصل واحد منها كفى في كون مرتكبه كافرا وإن اجتمعت فأجدر أن يكون كافرا فالباطنية على هذا من أكفر الكفار لاجتماع هذه الأمور الثلاثة (٤).ويصف الشاطبي الباطنية بأنهم ثنوية دهرية إباحية ينكرون النبوة والشرائع وأمور المعاد بل إنهم ينكرون الربويبة (٥).

ومن أهم الأحكام في هذا الباب ما نقل عن ابن تيمية رحمه الله من الفتوى المشهورة في موسوعة مجموع الفتاوى حيث سئل عن الفرق الباطنية ما حكم الإسلام فيها وما حكم التعامل مع هذه الطوائف فأجاب إجابة طويلة نقتصر منها على ما يتعلق بالإسماعيلية.


(١) ((أصول الدين)) للبغدادي (ص: ٣٢٩ – ٣٣١).
(٢) ((كتاب المحلى)) لابن حزم (١٣/ ١٣٩).
(٣) ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) لابن حزم (٢/ ١١٦).
(٤) ((بيان مذهب الباطنية وبطلانه)) للديلمي (ص: ٧١).
(٥) ((الاعتصام)) للشاطبي (١/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>