للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي موضع آخر بعد أن ذكر ألقابهم وأسمائهم ومنها الإسماعيلية والباطنية قال: إن شرح مقاصدهم يطول وهم كما قال العلماء فيهم: ظاهر مذهبهم الرفض وباطنه الكفر المحض وحقيقة أمرهم أنهم لا يؤمنون بنبي من الأنبياء والمرسلين لا بنوح ولا إبراهيم ولا موسى ولا عيسى ولا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين. كما أنهم لا يؤمنون بشرع من الكتب المنزلة من الله عز وجل لا التوراة ولا الإنجيل ولا القرآن ولا يقرون بأن للعالم خالقا خلقه ولا بأن له دينا أمر به ولا أن له دارا يجزي الناس فيها على أعمالهم غير هذه الدار وهؤلاء اتفق علماء المسلمين على أنه لا تجوز مناكحتهم ولا تباح ذبائحهم وأوانيهم وملابسهم كأواني المجوس وملابس المجوس. ولا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين ولا يصلى على من مات منهم كما قال تعالى عن المنافقين وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ [التوبة: ٨٤] فكيف بهؤلاء الباطنية فهم مع زندقتهم ونفاقهم يظهرون الكفر والإلحاد (١).ومن علماء أهل السنة والجماعة الذين بينوا حال الإسماعيلية وحكموا عليها الإمام ابن القيم رحمه الله يقول: "ومن أشر طوائف المجوس الذين لا يقرون بصانع ولا معاد ولا نبوة ولا حلال ولا حرام الخرمية أصحاب بابك الخرمي وعلى مذهبهم طوائف القرامطة والإسماعيلية والنصيرية والدرزية وسائر العبيدية الذين يسمون أنفسهم الفاطمية وهم من أكفر الكفار فكل هؤلاء يجمعهم هذا المذهب ويتفاوتون في التفصيل فالمجوس شيوخ هؤلاء كلهم وأئمتهم وقدوتهم وإن كان المجوس قد يتقيدون بأصل دينهم وشرائعهم وهؤلاء لا يتقيدون بدين من ديانات العالم ولا بشريعة من الشرائع (٢).

ويقول الكوفي – وهو ممن عاصرهم – إن دعوة الإسماعيلية في الكوفة ترجع إلى مذاهب الثنوية وتهدف إلى تحقيق مذاهب المجوسية في مواضع أخر ويحوم حولها أمور مختلطة من نحل كثيرة. ثم يذكر الكوفي عن رجل اسمه أبو عبدالله بن إسماعيل دخل دعوة الباطنية ثم خرج منها تائبا بعد أن عرف أسرارها يقول هذا الرجل أشهد على أن القصد بمبتدأ هذه الدعوة لم يكن للتشكيك في الإسلام ونقل المملكة عن العرب خاصة وإنما كان القصد فيه إثبات دين المجوسية من بين سائر الأديان المختلطة. وفي موضع آخر يقول إن غرضهم من دعوته هو الخلع من الإسلام والشرائع المعروفة وديانات الرسل المشهورة (٣).ويذكر العراقي أنه بدعوتهم إلى ترك العمل بالظاهر ودعوتهم إلى القول بالباطل إنما يقرعون باب الفتنة والفساد ويؤيدون الكفر والإلحاد ثم يضيف إلى أنه لا يوجد طائفة من الكفرة أخبث ولا أكثر فسادا منهم ثم يقول إن غرضهم تعطيل الرسل وإبطال الحكم بالظاهر والمدعو لديهم يتدرج في دعوتهم حتى يصل إلى النهاية التي إذا بلغها انسلخ من الإسلام ودخل في الكفر (٤).وينقل الديلمي في موضع غير ما تقدم الإجماع على كفرهم يقول إن الأمة قد أجمعت على كفرهم فلا ترى أحدا اليوم من علماء المسلمين من المشرق إلى المغرب أنه يتوقف في كفرهم ولا شك أن الإجماع من آكد الدلائل النقلية (٥).ونقل الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إجماع أهل العلم على كفر أئمة الإسماعيلية (العبيديين) وقال إن بني عبيدة لما أظهروا الشرك ومخالفة الشريعة وظهر منهم ما يدل على نفاقهم وشدة كفرهم أجمع أهل العلم على أنهم كفار يجب قتالهم وأن دارهم دار حرب ولذلك غزاهم المسلمون واستنقذوا ما بأيدهم من بلدان المسلمين (٦).

هذه هي نماذج من أقوال أهل العلم قديما وحديثا وحكمهم الواحد في هذه الطائفة الباطنية (الإسماعيلية) وأنها من الفرق المنتسبة للإسلام انتسابا فهي خارجة عن الفرق الإسلامية بل خارجة حتى عن الاثنين والسبعين فرقة الهالكة كما ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

المصدر:أصول الإسماعيلية لسليمان بن عبد الله السلومي – ٢/ ٦٦٣


(١) ((مجموع الفتاوى)) ابن تيمية (ص: ١٥٢ – ١٥٤ – ١٥٥).
(٢) ((إغاثة اللهفان)) لابن القيم (٢/ ٢٤٧ – ٢٤٩).
(٣) انظر ((الرد على الإسماعيلية القرامطة)) في المواضع التالية (ص: ٣٣ – ٣٥ – ١٧٣).
(٤) انظر ((الفرق المفترقة بين أهل الزيغ والزندقة)) لعثمان العراقي (ص: ١٠٤ – ١٠٥ – ١٠٨ – ١١٤).
(٥) ((بيان مذهب الباطنية وبطلانه)) للديلمي (ص: ٩٩).
(٦) نص هذه الفتوى في كتاب ((مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم)) لمحمد بن عبدالوهاب (ص: ٣٣) وفي ((كتاب مجموعة التوحيد النجدية)) (ص: ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>