للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعتبر انقسام الطائفة الإسماعيلية إلى مستعلية ونزارية أضخم انقسام وافتراق منذ تأسيسها وبدايتها إلى عصرنا الحاضر حيث اتجهت كل فرقة إلى إمام أئمتها في فترة الظهور وتمسكت به وبإمامة نسله من بعده إن كان له نسل أو عقب وحدث من جراء هذا الانقسام أن أصبح لكل فرقة كتب خاصة بها لأن لكل فرقة دعاة خاصين ومنظمين فكريين بل أصبح بعد ذلك لكل فرقة دولة خاصة بها ولا أدل على ذلك من دولة الصليحيين في اليمن والتي تمثل الإسماعيلية المستعلية ودولة الصباحيين أو الحشاشين في الألموت وجنوب فارس والتي تمثل الإسماعيلية النزارية. وبداية هذا الانقسام وسببه كما ذكرنا سابقا أن المستنصر العبيدي (الإمام الثامن من أئمة الظهور عند الإسماعيلية) لما مات في ذي الحجة من عام ٤٨٧هـ أقام الأفضل ابن بدر أمير الجيوش ابنه المستعلي بالله بن المستنصر واسمه أبو القاسم أحمد للإمامة والحكم وخالفه في ذلك أخوه نزار بن المستنصر وبعد مناوشات بينهما فر إلى الإسكندرية ثم حاربه الأفضل حتى ظفر به فقتله ثم أمر الأفضل الناس بتقبيل الأرض وقال لهم قبلوا الأرض لمولانا المستعلي بالله وبايعوه فهو الذي نص عليه من المستنصر قبل وفاته بالخلافة من بعده (١).وبذلك انقسمت الإسماعيلية إلى مستعلية أتباع المستعلي ونزارية أتباع نزار والحديث الآن عن المستعلية حيث يسمون بهذا الاسم نسبة إلى القول بإمامة المستعلي مع إنكار إمامة نزار بن المستنصر ويقولون إنه نازع الحق أهله من حيث أن الحق في الإمامة والخلافة كان لإمامهم المستعلي فادعاه لنفسه ويقولون إن شيعته على الباطل ويرون من الضلال اتباع الحسن الصباح داعية نزار والناقل عن المستنصر النص على إمامته (٢). ومن أسماء هذه الفرقة فيما بعد الطيبية نسبة إلى الطيب ابن الآمر المزعوم الذي سبق أن ذكرنا ادعاء الملكة أروى الصليحية إمامته وكفالته له. وبعد ذلك أطلق عليهم لقب الإسماعيلية الطيبية لزعمهم بإمامته وإمامة نسله المستورين من بعده كما يطلق على هذه الفرقة الإسماعيلية الغريبة وهؤلاء هم إسماعيلية مصر واليمن وبعض بلاد الشام تمييزا لهم عن الإسماعيلية الشرقية إسماعيلية بلاد فارس أصحاب الحسن الصباح (٣).

وتبنى هذه الفرقة وأبقاها الدولة الصليحية الذين حاولوا نشرها وبسطها في بلاد اليمن حتى انقرضت الدولة الصليحية عام ٥٦٣هـ ولم يقم أتباع هذه الفرقة بأي نشاط سياسي يذكر ونراهم اتجهوا بعد ذلك اتجاها جديدا هو التجارة والاقتصاد واتخذوا التقية والستر – كعادتهم في التمويه – أسلوبا في نقل الدعوة الإسماعيلية المستعلية الطيبية إلى شبه القارة الهندية وظهر لهم لقب جديد ومسمى يتناسب مع مهنتهم وهو (البهرة) وسبب ذلك أنه عندما اعتنق جماعة من الهندوس الدعوة الإسماعيلية الطيبية وكثر عددهم في الهند عرفت الدعوة بينهم باسم البهرة وهي كلمة هندية قديمة معناه التاجر


(١) ((انظر الكامل في التاريخ لابن الأثير)) (٨/ ١٧٣) ((الخطط)) للمقريزي (٢/ ٣٤ - ٣٥).
(٢) ((صبح الأعشى)) للقلقشندي (١٣/ ٢٤٣).
(٣) ((طائفة الإسماعيلية)) لمحمد كامل حسين (ص: ٤٦ – ٦٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>