فعاد المأذون والمكاسر ذكرى لأيام مضت في تاريخهم لم توجد فيها أي حركة أو نشاط، فالداعي الحالي هو محمد برهان الدين بن طاهر سيف الدين كما ذكرنا، والمأذون هو خزيمة بها صاحب، والمكاسر هو صالح بها صاحب بن طاهر سيف الدين، وعلى هؤلاء الثلاثة قيام دعوتهم، وأفراد عائلة الداعي المطلق هم المسيطرون على نظام دعوتهم وهم الذين يقومون بالمراقبة على ميزانية الدعوة التي تبلغ إلى مئات الملايين، ولا يجوز لأحد من غير هذه العائلة الكهنوتية أن يتكلم بكلمة في شؤون الدعوة أو المال، وحتى أن أطفال بيوت الدعوة يؤثرون على كبار المثقفين والعلماء، ويعامل هؤلاء الأطفال والبنات كأولاد الملوك والشاهنشاه من قبل أتباعهم وهم يرغبون في ذلك ويظهرون بفخفختهم وكبريائهم بأرستقراطيتهم، ويشجعون أتباعهم على تقبيل أيديهم وأرجلهم والسجدة أمامهم كسجودهم للصلاة أمام الله.
وكذا يقدس أطفالهم كثير من رجال العلم والثقافة الكبار لديهم.
الميثاق: إن البوهرة يأخذون العهد والميثاق على طاعة دعاتهم عند بلوغهم، فهو إقرار منهم بوفائهم للحركة الإسماعيلية، ويُستغل ذلك العهد من الناحية السياسية.
واستُبدل محتوى الميثاق بعد البيان الذي أدلى به الداعي طاهر سيف الدين أمام المحكمة، وقد يصعب للباحثين عن العقائد الإسماعيلية الوقوف على متن الميثاق في أوائل عهد الإسماعيلية، ونقل المقريزي هذا الميثاق في كتابه وذكر ما يتعرض له من العقاب ناقض هذا الميثاق.
والداعي الحالي لا يأخذ هذا الميثاق من أتباعه إلا لاستكمال سيطرته عليهم، ولذلك رفعت شكوى من جمهور البوهرة في الهند إلى محكمة برهان فور ضد الداعي أنه حرف في متن الميثاق وقد احتجوا على ذلك ما جاء في كتاب (تحفة القلوب) الذي ألفه الداعي الثالث في سنة ٥٦٠هـ، وهذا الكتاب موثوق به عند عامة البوهرة.
متن الميثاق في تحفة القلوب:
"بأن الداعي بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله يأخذ الميثاق للإمام من الله والوصي والولي ومن الإمام الحالي، بأنه يؤمن بالله وملائكته ورسله وأئمته، وبأنه مخلص في طاعة كل من الوصي إلى الإمام الحالي، وبأنه ناصر الإمام الموجود ولا يغدر به قط وأنه لا يطلع على أسرار دينه أحداً من غير أهله، ولا يهين أحداً من المؤمن المعاهد معه، ويحب من يحب الإمام ويبغض من يبغضه ويبتعد عن أمثال هؤلاء ويكون مخلصاً في طاعة الإمام، ويكون جزاء نقض العهد منه مثل غيره، وذلك الداعي يستدعي ذلك المعاهد لدى الإمام ويخبره عن عهده ولا يحق له أن يعطيه رقعة ما من عند نفسه".
وأما ما جاء في الميثاق الحالي هو كما يأتي:
١ - والإمام أو الداعي إن استنفر للجهاد ضد أعدائه فتنصرون بأموالكم وأنفسكم وتخلصون في طاعة الإمام وداعيه قولوا نعم.
٢ - وتمتثلون بأوامر الإمام أو داعيه ولا تكونون من العصاة، ولا تغدرون الداعي، ولا تدعون منصب الدعاة، وتكونون عوناً للداعي، ولا تتحيلون مع الدعاة قولوا نعم.
٣ - وتطيعون داعي الإمام على كل حال، وتمتنعون عما نهاه الداعي ولا تتقدمون أمام الداعي، وتحبون من أحبه الداعي وتبغضون من أبغضه، وتقاتلون من يقاتلهم الداعي، من يعص الداعي يخرج من الطائفة سواء كان صغيراً أو كبيراً، قريباً أو بعيداً لا تناقشونه في أي أمر، ولا تكاتبونه سراً ولا علانية، ولا تخاطبونه مخاطبة الأصدقاء لأصدقائهم، ولا تتحلون بأخلاق أعداء الداعي وعاداتهم ولا تتخذون وسيلتهم، وعدو الداعي عدوكم قولوا نعم
المصدر:البوهرة تاريخها وعقائدها لرحمة الله قمر الهدى الأثري - ص٢٨٨