ج: ما ذكر في السؤال عن دعوى البوهرة ملكه الكلي لجميع أملاك الوقف وأنه غير محاسب على جميع الصدقات وأنه هو الله على الأرض كلها دعاوى باطلة، سواء صدرت منه أم من غيره، أما الأولى فلأن أعيان الأوقاف لا تملك وإنما يملك الانتفاع بغلتها وذلك بصرفها إلى الجهات التي جعلت وقفاً عليها لا إلى غيرها، فلا يملك كبير البوهرة أعيان - أي أوقاف - ولا يملك شيئاً من غلتها إلا غلة ما جعل وقفاً عليه إن كان أهلاً لذلك.
وأما الثانية: وهي دعوى أنه غير محاسب فلأن كل امرئ محاسب على جميع أعماله من التصرف في الصدقات وغيرها بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
وأما الثالثة: وهي دعوى أنه الله في الأرض - فكفر صريح ومن ادعى ذلك فهو طاغوت يدعو إلى تأليه نفسه وعبادتها، وبطلان ذلك معلوم من دين الإسلام بالضرورة.
س٥: ويدعي أنه يحق له أن يعلن البراءة والمقاطعة الاجتماعية ضد الذين يعترضون على مثل هذه الأعمال.
ج: إن كانت صفة كبير علماء بوهرة على ما تقدم في الأسئلة فلا يجوز له أن يتبرأ ممن يعترضون عليه فيما ارتكبه من أنواع الشرك، بل يجب عليه قبول نصحهم والإقلاع عن تأليه نفسه وعن دعوى اتصافه بما هو من اختصاص الله تعالى من الألوهية وملك الأرواح والقلوب ودعوة من حوله إلى عبادته إلى غلوهم في الضراعة والخضوع له ولأفراد أسرته، بل يجب على من اعترضوا على ما يرتكبه من ألوان الكفر أن يتبرءوا منه ومن ضلاله وإضلاله إذا لم يقبل نصحهم، ولم يعتصم بكتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يتبرءوا من أتباعه وكل من كان على شاكلتهم من الطواغيت وعبدة الطواغيت قال الله تعالى: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا [آل عمران: ١٠٣] وقال: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: ٢١] وقال: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل: ٣٦] وقال: وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ [الزمر: ١٧ - ١٨] وقال: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة: ٤] إلى أن قال سبحانه وتعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [الممتحنة: ٦].
س٦: هل الإسلام يسمح بالاضطهاد الديني - البوهرة مسلمون يؤمنون بجميع تعاليم الإسلام والقرآن المجيد وكلام الله، ويجب على جميع المسلمين أن يؤمنوا بالقرآن.
ج: الإسلام لا يسمح باضطهاد المسلمين الصادقين في إيمانهم وأتباعهم لكتاب الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم بل يحرم ذلك وقد يعتبره كفراً، إذا كان واقع كبير علماء بوهرة وأتباعه وما وصفت في أسئلتك فهم كفرة لا يؤمنون بأصول الإسلام ولا يهتدون بهدي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يستبعد منهم أن يضطهدوا الصادقين في إيمانهم بالله وكتابه وبرسوله صلى الله عليه وسلم وسنته، كما اضطهد الكفار في كل أمة رسل الله الذين أرسلهم سبحانه إليهم لهدايتهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبد الرزاق عفيفي
عضو: عبد الله بن قعود
عضو: عبد الله بن غديان
المصدر:سلسلة ماذا تعرف عن ... لأحمد بن عبد العزيز الحصين - ١/ ٣٨٧