وهذا أغاخان الإمام الإسماعيلي الثالث موضحا انتقال أجداده بعد انهيار الحكم الفاطمي الشيعي على يد البطل المؤمن صلاح الدين الأيوبي رحمه الله من مصر، إلى سوريا ولبنان وارتحالهم منها شرقا إلى جبال إيران التي أصبحت مركزا لانتشارهم فيما بعد: والتي هاجر منها جده إلى الهند حيث استقر هو وأسرته ومن هاجر معه من أتباعه في مدينة بومباي.
يقول:
بعد ضياع الخلافة الفاطمية في مصر انتقل أجدادي أول ما انتقلوا إلى مرتفعات سوريا ولبنان، ومن هناك ارتحلوا شرقا إلى جبال إيران حيث أقاموا معقلا لهم في ذروة ألموت الشامخة من جبال البرز، وهي السلسلة التي تفصل بين سائر إيران والمقاطعات الكائنة إلى الجنوب من بحر قزوين مباشرة وتتناول الأسطورة والتاريخ هنا نسج حكاية "شيخ الجبل" الغربية، والأسياد العظام الوارثين لطغمة القتلة الذين احتفظوا بألموت قرابة مئتي عام. في هذه الفترة اشتهرت العقيدة الإسماعيلية في سوريا والعراق والجزيرة العربية نفسها، وفي أواسط أسيا، فلقد كانت سمرقند وبخارى وغيرهما من المدن مراكز عظيمة للعلوم ومذاهب الفكر الإسلامية، وبعد قليل، أي في القرن الثالث عشر للميلاد، نفذت الدعاية الإسماعيلية الدينية إلى ما يعرف بسينج يانج وتركستان الصينية، وقد جاء وقت في القرنين الثالث والرابع عشر كانت فيه العقيدة الإسماعيلية المدرسة الفكرية الرئيسية والأكثر نفوذا، غير أنه بانتصار أسرة صفوي في إيران "في مقاطعتها الشمالية الغربية، أذربيجان، بصورة خاصة" وطدت الاثنا عشرية سلطتها واحتفظ من بقي من الإسماعيليين بثباتهم وصمودهم على عقيدتهم ولا يزال الكثيرون منهم في أنحاء متعددة من آسيا وأفريقيا وإيران.
وفي سنة ١٨٨١م أخلفه ابنه في إمامة الطائفة، وعرف باسم أغاخان الثاني.
وكان أبوه أعده للإمامة إعداداً كاملاً وهيأ له الثقافة الكاملة، وكان يجيد عدة لغات منها العربية وعمل على خدعة أبناء المسلمين الذين اتصلوا بأتباعه تمييزاً بين طوائفهم فسمت مكانته بين الناس جميعا، تزوج أميرة إيرانية وأنجب منها ولده محمد الحسين في نوفمبر ١٨٧٧م وهو أغاخان الثالث المعروف باسم أغاخان المتوفى في أغسطس سنة ١٩٥٧ وقد عاش أغاخان الثالث حياة طويلة مليئة بعناصر الإثارة والشهرة والشهوة وعمل على نشر المذهب الإسماعيلي بين طوائف المسلمين في الهند الأمر الذي أدى إلى ضياع المسلمين في شبه القارة الهندية فيما بعد وقد فضل الإقامة في أوروبا وأخذ من ملاذ الدنيا ولهوها نصيباً كبيراً وتزوج أربع مرات المرأة الأولى من أميرة إيرانية، والمرأة الثانية من فتاة إيطالية أنجب منها ابنه "علي خان" والمرأة الثالثة من بائعة حلوى وسجائر في باريس وأنجب منها ولده "صدر الدين خان" والمرأة الرابعة من إحدى ملكات الجمال، وحين مات أغاخان أوصى لحفيده "كريم" بالإمامة وهو الحالي للأغاخانية.
وقد دفن أغاخان الثالث بناء على وصيته بمدينة أسوان بصعيد مصر في مسكن كان يملكه على الشاطئ الغربي للنيل ثم نقل رفاته إلى ضريحه الحالي المجاور لمسكنه المذكور في اليوم العشرين من فبراير سنة ١٩٥٩ ويعتبر هذا الضريح منذ ذلك الحين مزارا لطائفة الشيعة الإسماعيلية.
وله ثلاث أولاد:
كريم وعلي وصدر الدين
ولكن أغاخان علي أوصى لحفيده كريم ولم يوص لأحد من ولديه "علي" و"صدر الدين" رغم أن عليا والد كريم كان لا يزال على قيد الحياة ولكن لعل مسلك علي الشخصي كواحد من أشهر رواد الفساد الأخلاقي فقد بلغ القمة في الانغماس في الخطيئة من معاقرة الخمر ولعب القمار ومصادقة فاتنات الملاهي وراقصات الكباريهات حتى سخرت منه الصحافة الأوروبية حين كانت تتابع أخباره سكرانا مما اضطر الإمام الإسماعيلي من الإقدام على حرمان ولده من الإمامة حتى لا يحط من قدر الطائفة أمام المسلمين وغير المسلمين على حد سواء وزعماء هذه الفرقة يبدلون في المبادئ حسب أهوائهم، وأتباعهم يعتقدون أن لهم التصرف في أمور الدنيا والآخرة ولهذا تجمع الأموال للإمام لا للفقراء وكلما امتد الزمان زاد مذهبهم فسادا ولحق الناس والمجتمعات من أعمالهم شر كبير.
"وأغاخان كريم الرابع" يعيش اليوم في بذخ وحياة لا تختلف عن حياة والده وهو يعيش الآن في "فرنسا" باريس ولفظ أغا يعني في الفارسية السيد ولفظ خان يعني الرئيس أو الزعيم أو القائد وأغا خان: يعني السيد الرئيس أو الزعيم وقد أطلقته الإسماعيلية النزارية على إمامهم في منتصف القرن التاسع عشر ميلادي تعبيراً عن ولائهم له.
المصدر:سلسلة ماذا تعرف عن ... لأحمد بن عبد العزيز الحصين -١/ ٢٣١