للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء بعد النسفي تلميذه الفيلسوف أبو يعقوب إسحاق بن أحمد السجستاني أو السجزي، والذي قُتل هو الآخر بتركستان سنة ٣٣١هـ بسبب معتقداته المتطرفة وآرائه الجريئة، الأمر الذي يعطينا صورة واضحة عن التغيرات التي حدثت للحركة الإسماعيلية في هذه الفترة. يبقى الفيلسوف الإسماعيلي الثالث أبو حاتم الرازي (١) الذي كان من الأوائل الذين وضعوا الأسس النظرية للعقيدة الإسماعيلية، كما استطاع استمالة بعض الشخصيات الكبيرة إلى المذهبَ.

ومن مؤلفاته كتاب (أعلام النبوة) الذي عرض فيه لعقائد الإسماعيلية في الألوهية والرسل والنفس والزمان والمكان وغير ذلك من المسائل التي كانت موضوع اهتمام المفكرين والباحثين في الفكر العقدي الديني.

والملاحظ في هذه الفترة أن نفوذ الحركة الإسماعيلية فكرياً أخذ يزداد ويتسع، لدرجة أن الحركة خرجت من السرية في العمل والتنظيم إلى العلانية فيهما، ولا أدل على ذلك من دخولها في حوارات ونقاشات دارت فيما بين فلاسفة الحركة أنفسهم من جهة، وبينهم وبين غيرهم من أصحاب المذاهب المختلفة من جهة أخرى.

لقد استهدفت الحركة الإسماعيلية من وراء السيطرة الفكرية الوصول إلى السيطرة السياسية، لكن النجاح لم يكن حليفها على هذا الصعيد وعانت فشلاً ذريعاً في ذلك، وتعرضت من جراء محاولتها تلك إلى اضطهاد واسع النطاق بين السجن والنفي والقتل.

وفي ضوء هذه الانتكاسات المتكررة، وبعد أن استنفذت الدعوة الإسماعيلية جميع الوسائل من أجل تحقيق السيطرة السياسية، أصبح من الضروري البحث عن أسلوب عمل جديد. لقد فشلت سياسة التفتح والدعوة الجهرية للعمل من أجل الهيمنة الفكرية، فلم يبق إلا العمل السري المنظم، وهذا ما فعله الحسن بن الصباح مؤسس "الدعوة الإسماعيلية الجديدة" أو "حركة الحشاشين" الذي قدم إستراتيجية ثورية جديدة وفعالة، خصوصاً بعد أن أخذت الإمبراطورية الفاطمية تلفظ أنفاسها الأخيرة (٢).

المصدر:أسرار فرقة الحشاشين لمحمد هادي نزار- ص ٤٩


(١) وهو غير أبي حاتم الرازي المحدث الحافظ المعروف صاحب التصانيف. في علوم الحديث.
(٢) إن الضعف السياسي الذي مُني به الفاطميون بعد عصر المستنصر، كان من العوامل التي دفعت الإسماعيلية في بلاد فارس وما حولها إلى الانطلاق غير المحدود في نزعة التطرف والمغالاة فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>