للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهؤلاء المنافقون رغم أعمالهم الشنيعة وأفعالهم المفضوحة ما زالوا يحاولون الاستتار وإظهار خلاف ما يبطنون لذلك دائما يزعمون الإحسان ويرفعون شعار الإصلاح لتروج أكاذيبهم وتنطوي حيلهم وخدعهم على ضعاف الإيمان وعلى قليلي العلم لذلك زعموا أن قصدهم من بناء هذا المسجد كل خير وإحسان فقالوا: وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى (١)

ولكن هيهات أن تنطلي حيل المنافقين وأكاذيبهم على رب العالمين ولا على عباده العالمين بقول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم.

لذلك نهى الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم والأمة تبع له في ذلك عن أن يقام في هذا المسجد الضرار أي: يصلي فيه أبدا فقال: لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا. ثم حثه على الصلاة بمسجد قباء الذي أسس من أول يوم بنائه على التقوى: وهي طاعة الله وطاعة رسوله وجمعا لكلمة المؤمنين ومعقلا وموئلا للإسلام وأهله فقال سبحانه: لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ [التوبة: ١٠٨] (٢) فها هي ذا الحوادث والوقائع منذ القرن الأول للإسلام ومحاولات أعداء الدين في تفريق المسلمين التي سجلها القرآن الكريم كل ذلك نهيا للأمة عن الفرقة وتحذيرا منها فهل يدفع ذلك المسلمين إلى الاتحاد وجمع الكلمة ورأب الصدع؟ وهل تستفيق الأمة من غفلتها؟ وتعمل على توحيد صفوفها إذ في ذلك قوتها وإعلاء لدينها وغيظ ودحر لعدوها أسأل الله ذلك فالمستقبل للأمة مشرق والوعد الرباني محقق كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون)) (٣)

المصدر:موقف الصحابة من الفرقة والفرق لأسماء السويلم - ص١٧١ - ١٧٨


(١) انظر: ((تفسير الطبري) (١١/ ١٨).
(٢) انظر: ((تفسير ابن كثير)) (٢/ ٣٧٢) بتصرف.
(٣) رواه البخاري (٧٣١١)، ومسلم (١٩٢١). من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>