عاد الشيعة إلى ثورتهم فتحركوا عام ٢١٩هـ أيام المعتصم كانت حركتهم بزعامة (محمد بن القاسم) إلا أن هذه الثورة قد فشلت أيضا.
ضعف أمر الخلفاء العباسيين بعد المتوكل فانتهز الشيعة هذا الأمر وقاموا بعدة حركات كان أولها ثورة (يحيى بن عمر) بالكوفة عام ٢٥٠هـ ولكنها فشلت وكانت الحركة الثانية بقيادة (الحسين بن حمزة) بالكوفة نفسها عام ٢٥١هـ إلا أن مصيرها كان مصير ما سبقها من ثورات الطالبيين وإثر كل ثورة تقتل أعداد كبيرة من الطالبيين وينكل بهم كما نقلت جموع منهم من بغداد إلى سامراء عام ٢٥٢هـ.
انتقل مركز الشيعة إلى البصرة والتف أتباع هذه الفرقة حول صاحب الزنج الذي زعم أنه من نسل علي بن أبي طالب وأنه علي بن محمد بن أحمد بن علي بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب واجتمع مع الشيعة الزنج الذين يعملون في السباخ جنوبي العراق وقد دخل الزنج (الأبلة) عام ٢٥٦هـ و (عبادان) و (الأهواز) ثم استطاعوا عام ٢٥٧هـ أن يدخلوا البصرة و (واسط) عام ٢٦٤هـ واستمرت هذه الحركة حتى قتل هذا الدعي صاحب الزنج عام ٢٧٠هـ وفي هذا الوقت بدأت الدعوة الإسماعيلية نشاطها والقرامطة جزء منها فوجدت الظروف مهيأة من حيث الحقد على العباسيين في ذلك المحيط فنشط أمرها.
٣ـ الجهل لقد كان الجهل يسود أبتاع القرامطة وقد حرصوا هم عليه ورغبوا في بقائه حتى يتسنى لهم إظهار ما ليس فيهم وتصديق جماعتهم لهم فقد ادعى (يحيى بن زكرويه) أن ناقته مأمورة وصدق أتباعه ذلك وأعلن لهم أن يده إذا وجهها إلى أية جهة هزم أعداؤه من تلك الجهة وآمن جماعته بذلك وأظهر لهم عضدا ناقصة وقال لهم إنها معجزة ....
كما قال لأتباعه قبل مقتله في المعركة التي خاضها وقد أيقن بالهلاك: إنه غدا سيصعد إلى السماء ويقيم بها أربعين يوما وعليهم أن يتبعوا أخاه الحسين، كل هذا وأتباعه مصدقون به مؤمنون بأقواله وخرافاته لجهلهم، وكذلك صدق القرامطة خروج (الحسين الأهوازي) بمعجزة من سجن ابن الهيصم وكانت قد أخرجته جارية ابن الهيصم شفقة عليه وأعادت مفتاح السجن إلى مكانه تحت وسادة سيدها دون علمه ولم تخبر أحدا خوفا على نفسها فادعى الأهوازي أنه خرج معجزة.
٤ـ الجرائم: إن الطريقة التي اتبعها القرامطة في سفك الدماء وقتل الأبرياء والاعتداء على الحرمات قد أخاف الناس وجعلهم يخشون على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وأملاكهم من تحديات القرامطة فأظهروا لهم تأييدهم وأنهم على مذهبهم حماية لهم ودفعوا جزء مما يترتب عليهم وساندوهم في حروبهم كما ساعدهم آخرون في سبيل الحصول على المغانم.
٥ـ غياب أئمة الشيعة: تعد الشيعة الاثني عشرية أكثر فئات الطالبيين وقد اختفى إمامهم الثاني عشر محمد المهدي في سرداب في سامراء وهم ينتظرون ظهوره ليملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وكذلك كتم الإسماعيليون أئمتهم خوفا من طغيان العباسيين فكل طامح يدعو بهذه الدعوة ليحقق ما يريد فإذا وصل ادعى نسبا طالبيا يختاره وعد نفسه الإمام أو الداعية له وكانت هذه سياسة القرامطة.
٦ـ الفساد وقد أصبح الفساد يزداد يوما بعد يوم ويتسع انفراج زاوية الانحراف باستمرار الأمر الذي جعل المسلمين يتضايقون من هذا الفساد ويتمنون تغيير الوضع بما هو أفضل ولا يجعلون من أنفسهم سندا للحكم ضد المارقين والمنحرفين لما في الحكام من السوء وإن كان يقل عن أعمال الباطنية بكثير بل لا يقارن معه إذ يقارن الإيمان بالكفر.
وفي مثل هذا الوضع يصدق كل داع للإصلاح وكل مناد بتطبيق شريعة الإسلام وهذا ما كان يرفع رأيته أصحاب كل حركة مهما كانت ضالة ليتبعه الناس.
المصدر:القرامطة لمحمود شاكر – ص: ٢١