رأت الشيعة أن تأخذ أمور دينها من أبناء علي حفدة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم أعلم من غيرهم بأمور دينهم ثم وجدوا أن يكون الابن الأكبر من أهل البيت هو الإمام وصاحب الحق الشرعي في ذلك ولا يمكن أن تنتقل الإمامة من الأخ إلى أخيه إلا في حاله واحدة هي انتقالها من الحسن بن علي إلى أخيه الحسين إذ يعدون أن الإمامة كانت مستودعة عند الحسن ومعنى الإمام أنه الخليفة أي أمير المؤمنين إذ لا فرق في الإسلام بين الدين والسياسة فليس من المعقول أن يكون الإنسان في المسجد متعبدا ويكون خارجه غاشا للناس أو كاذبا باسم السياسة أو دجالا من الدجالين باسم المصلحة أو التقية وليس في دياناتهم تشريعات للناس ولكن الدين للناس أنزل لذلك فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا [النساء: ٦٥] ثم تطورت فكرة الإمام عند الشيعة إلى اختيار أبرزهم في الحياة العامة وقد التفوا حول جعفر الصادق وعدوه إماما على الرغم من أنه لم يناد بنفسه إماما ولم يقم بثورة يطالب فيها بالحكم إلا أن الشيعة رتبوا فيما بعد لأنفسهم أئمة حسب هواهم وكانت على الشكل التالي
علي بن أبي طالب (٢٣ق. هـ - ٤٠هـ)
الحسن (٣ - ٥٠) الحسين زين العبادين (٣٨ – ٩٤)
زيد الزيدية (٧٩ – ١٢٢) محمد الباقر (٥٧ - ١١٤)
جعفر الصادق (٨٠ - ١٤٧)
وكان جعفر الصادق رضي الله عنه صاحب رأي سديد وحكمة بالغة ولم تكن آراؤه لتختلف عن سائر المسلمين وقد دارت حولها كتابات من علماء الشيعة في القرن الرابع الهجري وما تلاه من قرون فغيرتها عن حقيقتها فتطورت هذه الآراء بمرور الزمن ونسبت إلى الصادق تعاليم وآراء لم يقل بها كما أدخل بعض الشيعة في تعاليمه آراء هي من تراث الأمم القديمة التي خضعت للمسلمين أو التي امتزجت مع المسلمين على نحو ما فكثرت الآراء واختلفت النزعات وتشعبت الأهواء وظهر عند بعض البيئات الشيعية ومغالاة في الآراء الدينية وبهذا ومنذ ذلك الزمن أصبح للشيعة عقيدة تختلف عن عقيدة أهل السنة وبخاصة فيما يتعلق بالأئمة وعصمتهم ومركزهم وتأويلاتهم والخضوع لهم.
تفرقت الشيعة بعد جعفر الصادق إلى فرقتين بسبب الإمامة فالأكثرية تبعت موسى الكاظم بن جعفر الصادق وتتابعت بعده الأئمة حتى الإمام الثاني عشر وهو محمد المهدي الذي قيل إنه غاب واختفى في سرداب ٢٦٥هـ ولهذا عرفت هذه الفرقة بالاثنى عشرية ويعتقد أتباعها أن هذا الإمام لا يزال حيا وينتظرون عودته ليملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا وقد اختفى هذا الإمام وهو صغير أو هكذا ادعى باب الإمام الحادي عشر حسن العسكري وهو محمد بن نصير مع العلم أنه من المعروف أن الحسن العسكري لم ينجب أولادا. تسلم أتباع هذه الفرقة حكم عدة مناطق وفي وقت واحد إلا أنهم بقوا متفرقني كما أن البويهيين هم من هذا الضرع وقد حكموا أمر بغداد إلا أنهم لم يعترفوا بأية دعوة شيعية أخرى غيرهم وقد كانت الحركة الإسماعيلية (١). نشطة آنذاك ولكنهم لم يعترفوا بها الأمر الذي جعلهم يحافظن على الخلافة العباسية ويبقون خلفاءها وهم من أهل السنة إذ استمروا رمزا للسلطة ولكنهم تحت سلطة البويهيين وإدارتهم.
ومع غياب أئمة هذا الفرع فقد ضعف أمرهم وبقوا في المناطق التي وجدوا فيها يخضعون لحكامها وقد يتحركون أحيانا ولكن حركتهم لم تكن لتظهر ثمارها وهذا ما جعل بعضهم يسقطون صلاة الجمعة ما دام الإمام غير قائم بالأمر.