للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- منهم من يصرح بلفظ الحركة. وممن نقل مذهب الأئمة المتقدمين والمتأخرين حرب الكرماني، والدارمي الذي قال: إن الحركة من لوازم الحياة، وذكر حرب أنه قول من لقيه من أئمة السنة كأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهوية، وعبدالله بن الزبير الحميدي، وسعيد بن منصور.- وطائفة أخرى من أئمة السلف كنعيم بن حماد، والبخاري، وأبي بكر ابن خزيمة، وابن عبدالبر، وغيرهم، يثبتون المعنى الذي يثبته هؤلاء، ويسمون ذلك فعلا، ولكن من هؤلاء من يمنع إطلاق لفظ الحركة لكونه لم يؤثر (١).وقد رجح شيخ الإسلام أن المأثور عن الإمام أحمد "إنكار نفي ذلك ولم يثبت عنه إثبات لفظ الحركة، وإن أثبت أنواعا قد يدرجها المثبت من جنس الحركة، فإنه لما سمع شخصا يروي حديث النزول، ويقول: ينزل بغير حركة ولا انتقال، ولا بغير حال، أنكر أحمد ذلك، وقال: قل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو كان أغير على ربه منك" (٢).أما العقيدة التي كتبها حرب بن إسماعيل – وفيها تصريحه بالحركة – فقد قال عنها شيخ الإسلام: "ليست هذه العقيدة ثابتة عن الإمام أحمد بألفاظها، فإني تأملت لها ثلاثة أسانيد مظلمة برجال مجاهيل، والألفاظ هي ألفاظ حرب ابن إسماعيل، لا ألفاظ الإمام أحمد ... " (٣).ولعل ما يرجحه شيخ الإسلام في ذلك ما قاله في مثل هذه الألفاظ: "والأحسن في هذا الباب مراعاة ألفاظ النصوص" (٤).

٣ - ومن المسائل المتعلقة بالنزول: هل يخلو منه العرش أم لا؟ وقد ذكر شيخ الإسلام أن في ذلك ثلاثة أقوال:

- طائفة ممن يدعي السنة يظن خلو العرش منه، وقد صنف أبو القاسم عبدالرحمن ابن أبي عبدالله بن محمد ابن منده في ذلك كتابا.

- وطائفة تقف، لا تقول يخلو، ولا لا يخلو، وتنكر على من يقول ذلك.

وهذا قول الحافظ عبدالغني المقدسي.- والصواب: قول جمهور السلف إنه ينزل ولا يخلو منه العرش (٥). وقد رد شيخ الإسلام على قول عبدالرحمن ابن منده وأطال في ذلك (٦). كما أبطل قول من زعم أنه يكون تحت العرش (٧).٤ - كما أجاب شيخ الإسلام على اعتراض من اعترض على النزول باختلاف الليل والنهار والبلدان والفصول في التقدم والتأخر والطول والقصر، وبين أن الكلام في ذلك وفي غيره – مثل مسألة خلو العرش منه – مبنية على قياس خاطئ وهو تشبيه الله بخلقه، وهذا باطل لأن القول في الصفات كالقول في الذات فكما أن لله ذاتا لا تشبه ذوات المخلوقين فكذلك له صفات لا تشبه صفات المخلوقين (٨).

المصدر:موقف ابن تيمية من الأشاعرة لعبد الرحمن المحمود – ٣/ ١٢١٣


(١) انظر: ((درء التعارض)) (٢/ ٧ - ٨).
(٢) ((الاستقامة)) (١/ ٧٢ - ٨٣).
(٣) ((الاستقامة)) (١/ ٧٣).
(٤) ((مجموع الفتاوى)) (١٦/ ٤٢٣)، وانظر في موضوع "الحركة" والأقوال فيه – ((شرح حديث النزول – مجموع الفتاوى –)) (٥/ ٤٢٦، ٥٦٥ – ٥٧٥)، و ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ١١، ٨/ ٢١ - ٢٩)، و ((الدرء)) (٤/ ٢٥).
(٥) ((مجموع الفتاوى)) (٥/ ٣١ - ١٣٢).
(٦) انظر: ((شرح حديث النزول – مجموع الفتاوى)) (٥/ ٣٨٠ - ٣٩٦)، وانظر أيضا (٥/ ٣٦٦ - ٣٦٨، ٣٧٥ - ٣٨٥، ٤١٤ - ٤١٥، ٤٥٩ - ٤٦٠).
(٧) انظر: ((درء التعارض)) (٧/ ٧)، و ((شرح حديث النزول – مجموع الفتاوى)) (٥/ ٤٧٥ - ٤٧٦).
(٨) انظر: ((شرح حديث النزول – مجموع الفتاوى –)) (٥/ ٤١٨ وما بعدها، ٤٦٧ - ٤٨٠)، و ((نقض التأسيس)) – مطبوع – (٢/ ٢٢٨ - ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>