للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستدلون على تقسيم هذه الدرجات بقوله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى [البقرة:٢٦٠] ويؤول الخصيبي هذه الآية بقوله: "أن الباب هو الذي قال: ليطمئن قلبي, وكان إرادته في ذلك استئذان مولاه أن يرتب أربعة يكونوا مع المقداد في الرتبة (١). قال له الله (وهو الاسم): وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة:٢٦٠] فالطيور الأربعة هم الأيتام, والجبال هم الخمس مراتب: النقباء, والمختصين, والمخلصين, والممتحنين ....... فتولى المقداد مرتبة النقباء, وتولى أبو الذر مرتبة النجباء, وتولى عبد الله مرتبة المختصين, وتولى عثمان مرتبة المخلصين, وتولى قنبر مرتبة الممتحنين ....... فالنقباء تمد النجباء بالنور, وهكذا تمد كل مرتبة الأخرى بالنور ...... أما المرتبة الأخيرة أي - الممتحنين - فإنها تمد مراتب العالم السفلي السبعة البشرية, فتمد المقربين, والمقربين تمد الكروبيين, والكروبيين تمد الروحانيين, والروحانيين تمد المقدسين, والمقدسين تمد السائحين, والسائحين تمد المستمعين, والمستمعين تمد اللاحقين" (٢).والمراتب السبعة السفلية لا ترتفع إلى العالم العلوي ومراتبه السبع إلا بارتقاء الدرجات السابقة الذكر من درجات العالم السفلي, حتى تصل إلى درجة (الكروبيين) , وهي الدرجة التي يرفع فيها عن الشخص كرب البشرية لأنه عرف باريه واسمه وبابه (٣) , فيكون بذلك قريب من درجة المقربين التي تستمد نورها من العالم العلوي.

والشعراء النصيريون, أنشدوا هذه المراتب في قصائد, منهم المنتجب العاني الذي وصفهم بقوله:

فتلك الأبواب والأيتام تتبعهم وخلفهم نقباء سادة نجب

وإثرهم نجباء كلهم سلكوا نهج الهدى وإلى نيل العلا وثبوا

وبعد ذلك مختصون ترفعهم ومخلصون إلى مولاهم قربوا

فهذه سبعة علوية ظهرت دون الأوائل منها السبعة الشهبوبعدهم سبعة سفلية نسبوا إلى التراب ما وارتهم الترب (٤) والدرجة النهائية للمؤمن - كما مر - هي درجة الباب, وفيها يصبح المؤمن ملاكا, ويرفع عنه الأكل والشرب, ويستطيع أن يصعد للسماء وينزل للأرض, مثلما يريد, وكيفما شاء, لأنه يتصور بالصورة التي يريدها. (٥) ولكن الدكتور مصطفى الشكعة ينقل عن كتاب (الباكورة السليمانية) أن رتب المشيخة في الوقت الحالي ثلاثة هي: الإمام, ثم النقيب, وتليها رتبة النجيب, ولكل واحد من هؤلاء سلطانه وحدوده وحقوقه ...... ويضيف: أن هذه الرتب افتقدت في الوقت الحاضر المؤهلات, ولعل المؤهل الغالب هو قوة شخصية صاحب الرتبة بغض النظر عن تأهيله العلمي والديني (٦). وهذا يؤكده لنا البيان الذي أصدره أحد مشايخ النصيرية بعد هزيمة حزيران عام ١٩٦٧م, والذي فضح فيه بعض أعمالهم, ومنها إعطاء الرتب إلى بعض ضباط الجيش السوري النصيريين تعبيرا عن جهودهم في الخدمة الطائفية أمثال صلاح جديد, ومحمد عمران وغيرهم (٧).

المصدر:الحركات الباطنية في العالم الإسلامي لمحمد أحمد الخطيب - ص ٣٦٦


(١) أي رتبة اليتيم.
(٢) ((مخطوطة مسائل عن المراتب)) ورقة ٥٧أ , ب.
(٣) ((مخطوطة مسائل عن المراتب)) ورقة ٥٨أ , ب.
(٤) ((فن المنتخب العاني وعرفانه)) (ص ٥٢,٥٣).
(٥) كتاب ((الهفت والأظلة)) للمفضل الجعفي (ص ٦١, ٦٢).
(٦) ((إسلام بلا مذاهب)) د. مصطفى الشكعة (ص ٣٥٢).
(٧) انظر ((كتاب مجتمع الكراهية)) لسعد جمعة (ص ٦٢ - ٧٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>