للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن قوم يأجوج ومأجوج يقول (مصحف الدروز). (حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، واقترب الوعد الحق، فإذا هي شاخصة أبصارهم، أبصار الذين كفروا، يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا، بل كنا ظالمين، لقد نسي هؤلاء هذا اليوم، وقد وقع لهم، ووقعوا فيه، وهم لا يشعرون وكبكبوا على وجوه قبلتهم، حتى غشيتهم الغاشية. أولم ير هؤلاء كيف مد لهم مولانا الحاكم الحياة أمدا، الآن حصحص الحق) (١).وفي ذلك اليوم، كما ورد في (رسالة الزناد) التي ألفها التميمي ينادي حمزة: (أين شركائي الذين زعمتم أنهم فيكم شفعاء، لقد انقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون) (٢)، يعني يوم قيامة القائم صاحب القيامة بالسيف، فيناديهم: أين شركائي، يعني رؤساء أهل الظاهر وشياطينهم، الذين أضلوهم بغير علم، وأحلوهم دار البوار التي هي الشريعة، وما ألقوه من التكاليف الشرعية، التي هي من حيث العقل والنار بالفعل، وما تمسكوا به من زخارف أهل الجهل وأباطيلهم، فلم يستطيعوا جوابًا، إلا أن يقولوا: ربنا غلبت علينا شقوتنا، وكنا قوما طاغين) (٣).

وحمزة في هذا اليوم، هو صاحب الجزاء والقصاص، ولذلك يخاطب في (الرسالة الموسومة بالإعذار والإِنذار) أتباعه بقوله: (يوم قيامي بسيف مولانا الحاكم سبحانه ومجازاتي للخلائق أجمعين، وأخذي لكم الحق والقصاص، وإنالة إحساني لأهل الوفاء منكم والإِخلاص، وانتزاعي النفوس من الأجساد، من أهل الفسوق والعنادة وقتلى الوالدين والأولاد وأنيلكم أموالكم) (٤).

(أما الثواب والعقاب، فيفهم من كتابات حمزة أن العذاب الواقع بالإِنسان نقلته من درجة عالية إلى درجة دونها من درجات الدين، وقلة معيشته وعمى قلبه في دينه ودنياه، ويستمر تنقله من جسد إلى جسد بتناسخ روحه في الأجساد، وهو كلما تنتقل روحه من جسد إلى جسد، تقل منزلته الدينية. أما الثواب فهو زيادة درجته في العلوم الدينية وارتفاعه من درجة إلى درجة إلى أن يبلغ إلى درجة حد – المكاسر) (٥).

وهم ينكرون وجود الجنة والنار، ويسخرون من القائلين بهما، يقول التميمي في (رسالة الزناد): (وأما زعمهم بأن الجنة عرضها السموات والأرض) (٦)، فقد جهلوا معنى هذا القول، فإذا كان عرضها السموات والأرض، فكيف يكون طولها؟ وأين تكون النار فيها؟ ولو عرفوا الطول عرفوا العرض، وكل شيء طوله أكثر من عرضه، وإذا رجعنا إلى المعاني الحقيقية، التي بها يتخلصون الموحدون من جهلهم من داء الشرك.


(١) ((مصحف الدروز: عرف كتاب أبي اسحق أو مراتب العباد))، (ص ٨٥).
(٢) يشير إلى الآية الكريمة وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ *القصص: ٦٢ *، والآية الكريمة لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ * الأنعام: آية ٩٤.
(٣) مخطوط في تقسيم جبل لبنان: مكتبة الجامعة الأمريكية في بيروت (رقم ٣١) – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية ٦٩٩، ويشير هنا إلى الآية الكريمةقَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * المؤمنون: ١٠٦*.
(٤) الرسالة الموسومة بالإعذار والإنذار.
(٥) محمد كامل حسين: ((طائفة الدروز))، (ص ١٢٥).
(٦) يشير إلى الآية الكريمة وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * آل عمران: ١٣٣ *، والآية الكريمة سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ * الحديد: ٢١ *.

<<  <  ج: ص:  >  >>