للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبسبب كراهيتهم للرسول صلى الله عليه وسلم يقولون عنه: (فهذه الدعامة – يقصدون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله – المقدم ذكرها هي تكليفية ناموسية، لأن العبادة للمعدوم تكليف، وما أحد قط نصح له عبادة معدوم، ولا تصح رسولية لكافر مشرك منافق ابن مشرك – يقصدون محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ثم أقام دعامة الجهاد، به قام إبليس لعنه الله وجعله فرضًا على المسلمين، فالحاكم جل ذكره أبطله وحرمه ... ثم أقام دعامة الولاية لقوله وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [التغابن:١٢] على زعمهم أن الله فوق السماء، ومحمدًا رسول الله، كذبوا لعنهم الله فما في السماء ولا في الأرض إله إلا الحاكم جل ذكره (١).ويزعمون أيضًا أنه: (عندما يتجلى الحاكم في الركن اليماني – من الكعبة – وفي يده السيف، ينادي على المشركين بالغضب والزجر، ويعطي السيف حمزة فيقتل شخصين لا غير أحدهما متقمص فيه محمد بن عبد الله صاحب دين الإِسلام، والثاني علي بن أبي طالب، ثم يرسل الصواعق على الكعبة فتدك دكا) (٢).

ويقولون كذلك: (إن الفحشاء والمنكر هما أبي بكر وعمر)، وأن الآية الكريمة التي تقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:٩٠]. يراد بذلك الخلفاء الراشدين الأربعة، وأنهم من عمل محمد بن عبد الله) (٣).

وأما موقفهم من آدم عليه الصلاة والسلام، فإنهم لا يعتبرونه أول الخلق وأبو البشر، بل كان أكثر من آدم في ذلك الدور، ولهذا فهم ينكرون أن آدم بلا أب وأم وأن آدم وباقي البشر قد خلقوا من تراب، وعن هذا يقول حمزة في (رسالة السيرة المستقيمة): (وأما قولهم أنه بلا أب ولا أم، فهو من المحال أن يكون جسمًا ناطقًا إلا من جسم مثله ذكر وأنثى. وأما التراب الطبيعي فما يظهر منه خلق غير الحيات والعقاب والخنافس وما شاكل ذلك، وأما بشر فلا يجوز أن يكون من التراب ولو كان كما قالوا بأنها فضيلة لآدم حيث لا يخرج من ظهر ولا يدخل في رحم، ولا يتدنس بدم، فقد كان يجب بأن يخلق محمدًا من التراب، ولم يخرجه من ظهر كافر، ولم يدنسه بدم جاهلة كافرة.

والمسلمون كلهم يعتقدون بأن والدي محمد كانا وماتا كافرين، وأن محمدًا لا يقدر يشفع في أمته إلا بعد أن يترك أمه وأباه ويتبرأ منهما، ويختار أمته على والديه ويتركهما في جهنم، وهذا كلام قبيح ظاهر وضيع باطنه، ولا يليق بالعقل ولا يقبله عاقل. وآدم هم ثلاثة: آدم الصفا الكلي، ومن قبله آدم العاصي الجزوي ومن دونه آدم الناسي الجرماني، وجميعهم من ذكر وأنثى لا كما قالوا أهل الزخاريف الحشوية بأنهم من التراب، حاشا الباري سبحانه وعز سلطانه أن يخلق صفيه وخليفته من التراب وهو من أهون الأشياء) (٤).

وأما عن حواء، فهي ليست زوجته، وإنما هي حجته وأحد دعاته ولقبت بحواء لأنها احتوت على جميع المؤمنين. وقد سبق أن ذكرنا أيضًا موقفهم من موسى عليه السلام، فهم ينكرون عليه أنه (كليم الله) لأنه كلم الشجر والجبل، وهذا ما لا يليق بالله في نظرهم) (٥).

أما عن كلمة (الضد) ومفهومها عند الدروز فقد كثرت في رسائل حمزة هذه الكلمة وقصد بذلك الرسل عليهم الصلاة والسلام، وقد يطلقها بصورة صريحة على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.


(١) مخطوط في تقسيم جبل لبنان.
(٢) مخطوط (حصر اللثام عن الإسلام) رزق حسونة الحلبي: الجامعة اليسوعية في بيروت (رقم ٩٦٧) – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية (رقم ٧٤٩).
(٣) مخطوط (في تقسيم جبل لبنان).
(٤) رسالة السيرة المستقيمة.
(٥) راجع مبحث ألوهية الحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>