للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج: هذه صورته: باسم الإمام مولانا الأعظم المنزه عن العاهات والوالد القادر، الذي لم يخلق ولم يولد، ولم يكن له كفوءا أحد، أنا فلان ابن فلان قد نويت وعزمت أن أضع نفسي وجسدي ومالي وحريمي وأولادي وأرزاقي وأعلامي، وكل ما تملك يدي تحت يد الطاعة، لسيدي ومولاي الحاكم بأمره العلي العلامة أمير الحكام صاحب الجبروت القادر على جميع الكائنات قد سلمت حالي إليه، ووعدته باتكالي عليه، وأقر الإِقرار التام، وأشهد أمام إخواني الموحدين وسيدي الإِمام، أني قد تبريت من الأديان، ولا أريد شيئًا يخالف أو يناقض الوحدانية، ولا أقر أن في السماء إلهًا معبودًا، ولا في الأرض إمامًا موجودًا سوى سيدي ومولاي الحاكم بأمره العالي المقتدر الحكيم بتدبيره، وهو نصيري ومجيري وإليه فوضت كل أمري وتدبيري، وكرهت ورذلت كل ما يبعدني عن عبادته وطاعته وصدقه. وقد كتبت هذه الوثيقة على نفسي وأنا بصحة العقل والجسم ومن كل إراداتي وخاطري من دون اغتصاب، وقد قريت بالدعوات والحدود الباقية المقرين بمولانا الحاكم بأمره الأمين، وأذنت بالشهود علي، وأقر أمام الشهود بكذا وكذا من سنة مولانا ومملوكه حمزة بن الهادي عدو المشركين والمنتقم منهم بسيف مولانا وسلطانه وحده لا معبود سواه) (١).وللدروز رئيس ديني يلقب بـ (شيخ العقل) (٢) ويتولى منصبه بالانتخاب أو الاتفاق بين الزعماء وكبار رجال الطائفة، ولشيخ العقل أعوان في كل قرية أو بلد (٣).هذا بالنسبة إلى التقسيم الديني، أما من الناحية الاجتماعية، فالنظام السائد في المجتمع الدرزي هو النظام الإقطاعي الديني الذي كانوا عليه منذ عدة قرون، فالقرى خاضعة لشيخ القرية الذي يختاره الأمير، وشيوخ القرى خاضعون للأمراء الذين يتوارثون الإِمارة ولذلك يأبى الدروز منذ عصورهم الأولى أن يخضعوا إلا لمشايخهم فقط، ولا يعترفون بسلطة أحد سوى أمرائهم (٤).

ويقيم عقال الدروز عادة في مناطق نائية تسمى (الخلوات)، وعن هذه الخلوات يحدثنا صاحب مذكرة (أيها الدرزي عودة إلى عرينك)، عن كيفية قيامها وطريقة الوعظ فيها فيقول:

(قبل عام ١٧٦٢ م لم يكن للدروز خلوات، أو كانت ولكن ليست ظاهرة، ولا شيوخ عقل بل كانوا تحت جناح الإِسلام مباشرة وبقي شيوخ العقل يتخبطون في خلواتهم بين الرسائل والشروح، إلى أن تسلم الرياسة الروحية في جبل حوران الشيخ إبراهيم البجري، فقرر قراءة الكتابين الأولين (أي ميثاق ولي الزمان وكشف الحقائق) مع شيء من الكتاب الثالث (أي مناجاة ولي الحق) على كل درزي تتوفر فيه الشروط الدينية.

ثم قسم الشيخ إبراهيم الكتاب الثاني والثالث إلى ثمانية أقسام، وعين لكل ليلة من ليالي الأسبوع قسما منها، وضم لها أقسامًا معلومة من رسائل أخرى، ودعى هذا كله دورا.

فدور مساء الخميس مثلاً، الميثاق والكشف والتنزيه وشعر النفس، ودور مساء الجمعة الميثاق والدامغة والرضا وشعر النفس ... وهكذا لكل ليلة دورها الخاص، مع الملاحظة أن الاجتماع الرسمي هو مساء الخميس، والقراءة في الجمعة وسواها جماعية.


(١) رسالة (من تعليم دين التوحيد) المعروف بدين الدروز، (ص ٣٠ – ٣٢).
(٢) يقول الأستاذ زهير الشاويش: أن هذا المركز يتعدد في لبنان، فهناك رئيس متقدم باسم شيخ العقل هو الشيخ محمد أبو شقرا، وهناك شيخ آخر، ومنذ سنوات توفي شيخ عقل ثالث، ويظن أن هناك اتفاق على عدم تعيين بدلا عمن يتوفى، وفي جبل الدروز بسورية شيخان للعقل، وفي فلسطين شيخ عقل هو أمين طريف.
(٣) محمد كامل حسين، ((طائفة الدروز)) (ص ٣٢).
(٤) أحمد الفوزان: ((أضواء على العقيدة الدرزية))، (ص ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>