ولم يكتف المازندراني بالعمالة للإنجليز واليهود؛ بل كان على اتصال وثيق بالروس، وكانوا يقدمون له المساعدة والرعاية بسخاء، ولا أدل على ذلك من وقفة السفارة الروسية حين تحمست لحمايته عندما عزمت الحكومة الإيرانية على تقديمه للمحاكمة، حينما قامت محاولة من جانب البابيين لقتل الشاه انتقاماً لقتل زعيمهم علي محمد الشيرازي.
فاتهم النوري بالتآمر على ذلك فآوته السفارة وحذرت ملك إيران ناصر الدين شاه من المساس به؛ بل وقدمت السفارة الحجج على براءة عميلهم من تلك المؤامرة الفاشلة التي دبرها زعماء البابية لاغتيال الملك.
ويتضح من اعتناء الروس به أنهم اختاروه لعمالتهم بعد قتل الشيرازي واشتروا ضميره، وقرروا أن يجعلوه رئيساً للبابيين بدل أخيه صبح الأزل الذي كان يقل عنه مكراً ودهاءً، ولأجل ذلك كان تنحية صبح الأزل عن المسرح وإقامة حسين المازندراني مقامه لما رأوا فيه من الدهاء والذكاء والمكر ومسايرة الأمور والمماشاة مع الأحوال والظروف.
المصدر:فرق معاصرة لغالب عواجي ٢/ ٦٦٧ - ٦٧٠
يقول الجاسوس الروسي كنياز دالكوركي في مذكراته: قلت لميرزا حسين علي - البهاء - ونفر آخرين أن يثيروا الغوغاء بالضجيج والتظاهر، ففعلوا وأطلقوا الرصاص على الشاه ناصر الدين. فقُبض على كثيرين، منهم حسين علي المازندراني وبعض آخر من أصحاب السر، فتوسطت لهم وشهدت ومعي عمال السفارة وموظفوها أن هؤلاء ليسوا بابيين، فنجيناهم من الموت وسيرناهم إلى بغداد. وقلت لميرزا حسين علي: اجعل أنت أخاك الميرزا يحيى وراء الستر وادعوه (من يظهره الله)، وأعطيتهم مبلغاً كبيراً فألحقت به في بغداد زوجته وأولاده وأقرباءه. فشكلوا في بغداد تشكيلات وجعلوا له كاتب وحي. وواصلت السفارة الروسية في طهران دعمها لكل من اعتنق البهائية، بل لم يكن لهم البتة مأوى سوانا.
المصدر:البهائية للدكتور طلعت الزهران
وحينما كان المازندراني في إيران كان وجوده هناك يشكل حركة خطيرة، ولهذا أحست الحكومة أن خطره يتزايد فطلبت من الحكومة العثمانية نقله إلى داخل الإمبراطورية التركية فنقل إليها، وبدأ يجهر بدعوته البهائية فعارضه أخوه صبح الأزل بعد أن أحس أنه يحتطب لنفسه ويريد إقصاء صبح الأزل، ومن هنا بدأ الشقاق بين الأخوين، وبدأ الميرزا حسين علي يدبر المؤامرات ضد المخالفين له، وبعد ظهور الخلاف بين الأخوين وأتباع كل منهما رأت الحكومة أن تبعد كل واحد عن الآخر فنفت البهاء إلى فلسطين ويحيى صبح الأزل إلى قبرص.
فلقي حسين علي في فلسطين التأييد الكامل من اليهود الذين كانوا يحاولون في تلك الأثناء إقامة دولتهم وإسقاط الحكم العثماني.
وقد تدرج المازندراني في دعواه، فبدأ يبشر بأنه هو خليفة الباب الشيرازي وحده ثم ادعى أنه هو الباب، ثم انتقل إلى دعوى أن الباب لم يأت إلا ليبشر به كما كان يوحنا مبشراً بالمسيح، ثم ادعى أنه هو نفسه المسيح الذي بشر عنه وأنه هو النبي والرسول إلى الناس.