للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلاصة ردود شيخ الإسلام عليها كما يلي: أ- أما الآية فقد بين أن فيها قراءتين مشهورتين، قال: "ونحن نسلم قراءة من قرأ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ لكن من أين لهم أن التأويل الذي لا يعلمه إلا الله هو المعنى الذي عني به المتكلمون، وهو مدلول اللفظ الذي قصد المخاطب إفهام المخاطب إياه. وهو سبحانه وتعالى لم يقل وما يعلم معناه إلا الله، ولا قال وما يعلم تفسيره إلا الله، ولا قال وما يعلم مدلوله ومفهومه إلا الله، ولا ما دل عليه إلا الله. قال: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ ولفظ التأويل له في القرآن معنى، وفي عرف كثير من السلف وأهل التفسير معنى، وفي اصطلاح كثير من المتأخرين له معنى، وبسبب تعدد الإصطلاحات والأوضاع فيه حصل اشتراك غلط بسببه كثير من الناس في فهم القرآن وغيره" (١)، وبعد كلام طويل حول التأويل وأنوعه قال: "وإذا عرف معنى لفظ التأويل ظهر فساد احتجاج هؤلاء بقوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ فإن التأويل الذي لا يعلمه إلا الله ليس هو أن لا يفهم أحد من اللفظ، بل يفهمونه وإن كان تأويله لا يعلمه إلا الله" (٢)، ثم ذكر عددا من أقوال السلف في الآية تبطل حجة هؤلاء ثم قال: "فابن إسحاق ذكر مثل ابن عباس والضحاك وغيرهم الذين يقولون بالقراءتين. يقولون: له تأويل لا يعلمه إلا الله، وتأويل يعلمه الراسخون، وكذلك عامة أهل العربية الذين قالوا ما يعلم تأويله إلا الله، كالفراء وأبي عبيد وثعلب وابن الأنباري، هم يتكلمون في متشابه القرآن كله وفي تفسيره (و) معناه. (و) ليس في القرآن آية قالوا لا يعلم أحد تفسيرها ومعناها، فيجب أن يكون التأويل الذي اختص الله به عندهم غير ما تكلموا فيه من تفسير الآيات المتشابهة. وقوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ قد يقال فيه إن المنفي هو عموم السلب لا سلب العموم، أي وما يعلم جميع التأويل إلا الله، وأما بعضه فيعلمه الراسخون كما قال ابن عباس: "وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله، من ادعى علمه فهو كاذب" (٣)، فقول الجمهور هو القراءة الصحيحة، وهو أنه لا يعلم غير الله جميع التأويل، كقوله: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر: ٣١] أي مجموعهم، وإلا فكثير من الناس يعلم بعض جنود ربنا. وبكل حال تفسيره (و) معناه ليس داخلا في التأويل الذي اختص الله به سواء سمى تأويلا أو لم يسم" (٤).

والخلاصة أن قراءة الوقف على "إلا الله" لها وجهان:


(١) ((نقض التأسيس)) – مخطوط – (٢/ ٢٢٣ - ٢٢٤).
(٢) ((نقض التأسيس)) – مخطوط – (٢/ ٢٢٤ - ٢٢٥).
(٣) أثر مشهور عن ابن عباس وأوله (التفسير على أربعة أوجه .... ) رواه ابن جرير (١/ ٧٥) (٧١) وذكر ابن جرير أنه روي نحوه مرفوعا، لكن بسند فيه نظر، وساقه بعد الأثر السابق، وذكر ابن كثير في آخر مقدمة تفسيره (١/ ١٨) – ط الشعب: أن ابن جرير قصد بذلك أن فيه الكلبي وهو ضعيف، وانظر: تعليق شاكر على هذا الحديث في ((تفسير الطبري)) (١/ ٧٦).
(٤) ((نقض التأسيس)) – مخطوط – (٢/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>