حضرة العالم الفاضل صاحب المنار الأغر، نشرت مجلة البيان التي تصدر في مصر مقالاً عن البهائيين وزعيمهم عباس أفندي جاء فيها ما يأتي:" ذلكم مولانا عباس أفندي الملقب بعبد البهاء بطل الإصلاح الديني وسيد المصلحين الدينيين، والمصدر الصحيح الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (البهائية هي كمال حي) - (هي الكاثوليكية الصادقة)، وما دعوتها في الحقيقة إلا دعوة إصلاح ورقي للإسلام- إن أنصارها استخرجوا أسمى تعاليم القرآن فنقوها ما علق بما ليس من الدين الصحيح في شيء - (إن نعيم الآخرة وهم وخيال)
هذا بعض ما جاء في تلك المجلة وما نشره صاحبها المسلم الأزهري عقب مقابلته لزعيم البهائيين في الإسكندرية.
وقد رد على البيان الأستاذ صاحب عكاظ في عدة مقالات، وتبعه كاتب في جريدة الشعب ثم تبعتهما جريدة الأفكار، وكلهم كان يطلب إلى صاحب البيان تكذيب ما نشره في هذا الموضوع والرجوع إلى الحق ولكنه كان يقول لهم: إني أكتب عن البهائيين وزعيمهم كما كتبنا عن فولتير وسبنسر ونيتشه، وكما كتب الأوربيون عن العظماء والفلاسفة والنابغين.
فما رأي العالِم الجليل صاحب المنار في ما نشره البيان في موضوع البهائيين وزعيمهم وما رأيه في رد عكاظ أولاً والشعب والأفكار ثانياً؟
ج:
بينّا في المنار مراراً أن البهائية قد انتحلوا ديناً جديداً في هذا العصر، وان دينهم أبعد عن الإسلام من دين اليهود؛ لأن دين اليهود دين التوحيد الذي هو أساس الإسلام، وأساس دين البهائية وثني مادي، وهم يعبدون والد زعيمهم عباس أفندي الملقب بـ (عبد البهاء) وما هذه اللقب إلا عنوان القول بإلوهية البهاء.
ولهم شريعة ملفقة من الأديان المختلفة، وفلسفتها هي عين فلسفة سلفهم من فرق الباطنية، الذين حاربوا الإسلام بالدسائس التي اخترعتها لهم جمعيات المجوس السرية لإفساد أمر المسلمين، وإزالة ملكهم انتقاماً للمجوسية التي أبطلها الإسلام.
ألا وإن ميرزا حسين الملقب بالبهاء هو وولده الداهية عباس أفندي قد جعلا تنقيحاً جديداً لما دعا إليه الأبله الثرثار ميرزا محمد على الذي اشتهر بلقب (الباب) وإنما مهد السبيل لدعوته في بلاد الفرس بدعة الشيخية، الذين هم أكبر المفسدين في الشيعة الإمامية، وسننشر في المنار شيئا من فلسفتهم الخيالية، التي انتزعوها من أباطيل الباطنية، وزفوها في معرض الأساليب الصوفية.
وجملة القول أن دين البهائية دين مخترع، افتراه الباب المخدوع، ونقحه بتمادي الزمان الباقعة عباس أفندي، وهو أضر على الإسلام من كل دين في الأرض لأن أهله يسلكون في الدعوة إليه مسلك سلفهم الطالح في مخادعة عوام المسلمين، وإيهامهم أنهم يصلحون لهم دينهم، واحتجاجهم بالشبهات التي يحرفون بها القرآن والأحاديث بالتأويلات البعيدة، فهم أكبر فتنة على المسلمين في هذا العصر، ولاسيما على الشيعة؛ لأن الغلو في التشيع سلم للباطنية، ولهذا كان يقول بعض العلماء: " ائتني برافضي كبير أخرج لك منه باطنياً صغيراً، وائتني بباطني كبير أخرج لك زنديقاً كبيرا".