للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيف بعد ذلك يتجاسر ويفضل نفسه على جميع البشر؛ بل وعلى أولي العزم من الرسل الذين اجتباهم الله، وجعل لهم الود والاحترام في نفس كل شخص عاقل!! بل وأغرب من هذا أن يقال: ومن أي طريق أقدم على دعوى أنه عين محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه كان لمحمد صلى الله عليه وسلم –حسب مزاعم القادياني وأتباعه - بعثتين: الأولى وكانت بمكة، والثانية وكانت بالقاديان بالهند، وأن محمداً في بعثته الثانية كان أكمل منه في بعثته الأولى.

إذا كان يزعم أن ذلك تم عن طريق التناسخ، فإن التناسخ لم يقل به أحد من العقلاء غير عباد البقر والفروج من الهندوس والبوذيين، ثم كيف تناقض بعد ذلك في مسألة واحدة هامة وخطيرة جداً؛ فزعم أولا أنه مظهر لكرشن معبود الهنادك، ثم زعم ذلك أنه محمد صلى الله عليه وسلم. كيف ساغ له أن يجمع بين الشرق والغرب؛ الليل والنهار في مكان واحد، هذا هو عين التخبط والجهل الشنيع.

وإذا كان القادياني قد غلا في نفسه وفضَّلها على جميع الأنبياء والمرسلين - فمن الطبيعي أن يفضلها على جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم ابتداء بالصحابة الكرام فمن بعدهم. وهذا هو الذي وقع بالفعل.

فقد فضل القادياني نفسه على جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم بما فيهم الصحابة كلهم لم يستثن أحداً منهم، فقد أداه الغرور إلى أن يقول: (لا شك أنه ولد في أمة محمد صلى الله عليه وسلم آلاف من الأولياء والأصفياء ولكن ما كان أحد مثلي (١). وقد يبدو هذا التفضيل برغم بشاعته صغيراً بالنسبة لتفضيل نفسه على جميع الأنبياء حيث قال: (جاء أنبياء كثيرون، ولكن لم يتقدم أحد عليّ في معرفة الله، وكل ما أعطي لجميع الأنبياء أعطيته أنا وحدي بأكمله) (٢).

وجاء في تمجيد أتباعه له على نفس المعنى: (نحن نعتقد بأن الله أنزل لصداقة غلام أحمد آيات وبينات لو توزع على ألف نبي لثبتت بها نبوتهم. وكان يجمع في ذاته جميع الصفات القدسية التي وجدت في جميع الأنبياء (٣).

وقد فضل نفسه على أنبياء خصهم بأسمائهم وقبلهم فضل نفسه على آدم عليه السلام فقال: (إن الله خلق آدم وجعله سيداً مطاعاً وأميراً حاكماً على كل ذي نسمة، كما يظهر من قوله: اسْجُدُوا لِآدَمَ [طه:١١٦]، ثم أغواه الشيطان وأخرجه من الجنة ورجع الحكم إلى الشيطان، وصار آدم مصغراً ثم خلقني الله لكي أهزم الشيطان وهذا ما وعده في القرآن).وتوجد نصوص كثيرة من كلامه في تفضيل نفسه على نوح وعيسى ويوسف، وإذا كان هذا هو موقفه من الأنبياء فما الحال بغيرهم؛ خصوصاً أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الذين هم هدف حربه، وحرب كل الطوائف المعادية للإسلام، ولهذا نرى القادياني وقد فضل نفسه على كثير من مشاهير الصحابة مثل أبي بكر وعمر وعليّ والحسن والحسين وأبي هريرة دون أن يجد رادعاً من حياء أو ضمير، وهو حينما يسب ويشتم هؤلاء الأخيار ويترفع عليهم نسي قوله: (الذي يسب أو يشتم الأخيار المقدسين فليس إلا خبيث ملعون لئيم) (٤).وقد تطاول أحد أقرباء الغلام وقال في جرأة شريرة: (أين أبو بكر وعمر من غلام أحمد، إنهما لا يستحقان أن يحملا نعليه) (٥).

ونصوص أخرى كلها تدور على تفضيل القادياني على من لا يساوي شراك نعل أحدهم، نتركها لتفاهتها ولما فيها أيضاً من الظلم الصريح بسبب تنقص القاديانيين بالأنبياء وبأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.


(١) ((تذكرة الشهادتين)) للغلام (ص٢٩). ترجمة الندوي، ((القادياني والقاديانية))
(٢) ((در ثمين)) للغلام (ص٢٨٧ – ٢٨٨). وانظر: ((ضميمة الوحي)) (ص١٣).
(٣) ((جريدة الفضل)) ١٦ أكتوبر سنة ١٩١٧م. تلك المصادر عن ((ما هي القاديانية)).
(٤) ((البلاغ المبين)) (ص١٩).
(٥) ((المهدي)) (ص٥٧) (رقم ٣٠٤) لمحمد حسين القادياني.

<<  <  ج: ص:  >  >>