للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد لقبهم القاديانيون بالمنافقين (لأنهم يحاولون الجمع بين العقيدة القاديانية والانتساب إلى مؤسسها وزعيمها، وبين إرضاء الجماهير) ومع هذا الموقف فإن محمد علي اللاهوري، دائماً يلقب الميرزا غلام أحمد بمجدد القرن الرابع عشر والمصلح الأكبر، وزيادة على ذلك يعتقد أنه المسيح الموعود).قال الندوي عنهم: (وعلى ذلك تلتقي الطائفتان) (١).وذهب الأستاذ مرزا محمد سليم أختر في كتابه: (لماذا تركت القاديانية؟) إلى رأي آخر حيث قال بعد أن ذكر ما وقع بين محمد علي وجماعة الربوة من خلاف على منصب الخلافة بعد نور الدين - قال: (وأنكر نبوة الميرزا ليكسب العزة عند المسلمين)، ثم قال: (ولم ينكر أحد هذه الحقيقة: أن (محمد علي) أقر بنبوة الميرزا، وإنكاره لنبوته يعتبر كالعقدة في الهواء) (٢).

والواقع أن القول بأن الفرع اللاهوري - وعلى رأسهم محمد - علي ما كانوا يؤمنون بنبوة الغلام عن اقتناع قول بعيد جداً؛ ذلك أن مواقفهم وتصريحاتهم كلها تشهد بإقرارهم بنبوة الغلام وليس فقط أنه مصلح ومجدد.

كما أن تصريحات الغلام نفسه بنبوته لا تخفى على من هو أبعد من الفرع اللاهوري، فكيف يقال بأنها خفيت عليهم؟ ‍!

كما أن معتقد الفرع اللاهوري ليس له أي أساس آخر غير الأساس الذي بناه غلام أحمد وأسهم فيه محمد علي نفسه. والباطل لا بد وأن يتناقض أهله فيه، فقد صرح محمد علي نفسه بقوله عن الغلام: (نحن نعتقد أن غلام أحمد مسيح موعود ومهدي معهود وهو رسول الله ونبيه، ونزله في مرتبة بينها لنفسه؛ أي إنه أفضل من جميع الرسل، كما نحن نؤمن بأن لا نجاة لمن لا يؤمن به) (٣).ونصوص أخرى كثيرة كلها تثبت أن هذا الفرع لا يختلف في النتيجة عن الحركة القاديانية الأم في قاديان، وأنه كان يراوغ في إظهار معتقده نفاقاً وإيغالاً في خداع العامة، حتى إنه كان يوصي أتباعه في جزيرة مارشيس ألا ينشروا هناك أن الغلام نبي، وأن من لم يؤمن به فهو كافر؛ لأن هذا المسلك يضر بانتشار القاديانية (٤)، أي ولكن ينشروا أنه مجدد، لتقريب وجذب المسلمين إليهم. ومن أقوال هذا الفرع أيضاً: (يا ليت أن القاديانية كانت تُظهر غلام أحمد بصورة غير النبي ... ولو فعلوا هذا لكانت القاديانية دخلت في أنحاء العالم كله) (٥).

وبهذا يتضح أن هذا الفرع أمكر وأكثر احتيالاً لنشر القاديانية، وهو الذي أتيح له التوغل في العصر الحاضر إلى أقصى البلدان الإسلامية في آسيا وفي أفريقيا. وقد قام محمد علي بنشاط كبير في عرض القاديانية. ولعل من أهم أعماله ترجمته للقرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية (٦)؛ حيث ملأها بالأفكار القاديانية، مما جعل الكثير من الناس يقعون ضحية تلك الأفكار ظانين أنها ترجمة رجل مسلم، لقد اتجه هذا الرجل في تفسيره للقرآن وجهة خطيرة لم يتورع فيها عن الكذب والتعسف ومخالفة أهل العلم واللغة والإجماع، وإنما فسره بمعان باطنية، فيها التركيز على إنكار الإيمان بالغيب وبالقدرة الإلهية، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، منها على سبيل المثال:


(١) ((القادياني والقاديانية)) (ص١٤٤).
(٢) ((لماذا تركت القاديانية)) (ص٣١) ترجمة محمد كليم الدين.
(٣) ((جريدة الفضل)) (٣/ ٤١١).
(٤) ((التبليغ)) (١/ ٢١).
(٥) ((بيغام صلح)) (١٧ إبريل لسنة ١٩٣٤م) جريدة الفرع اللاهوري، والمصادر عن ((ما هي القاديانية)).
(٦) يذكر محمد أختر الذي كان قاديانياً ثم انفصل عنهم، أن تلك الترجمة ليست من صنع محمد علي كلها وإنما هي للحكيم نور الدين البيهيروي ونسبها محمد علي لنفسه انظر كتابه: ((لماذا تركت القاديانية)) (ص٣٢) ترجمة محمد كليم الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>