للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول أيضاً: "إن الله تعالى يقول في كتابه العزيز: رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ [غافر:١٥] يقول: المراد من الروح في الآية الوحي أو روح القدس، والآية تصرح بأن النبوة باقية، لأن صيغة يلقى تدل على الاستمرار، فكما أن الله تعالى أخبر بنزول الملائكة في المستقبل كذلك بالإنذار، والإنذار من صفة الرسل" (١).

وهذا فهم خاطئ وتأويل باطل للآية، فالآية تبين لنا بوضوح تام أن الله تعالى يختص من يشاء ليكونوا أنبياء ورسلاً يبلغون رسالة الله في الأرض، وقد ختم الله تعالى الرسالات، بمحمد، صلى الله عليه وسلم.

وفي قوله تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الجمعة:٢ - ٣].يقول القاضي القادياني في كتابه (القول الصريح): "إن قوله تعالى: وَآخَرِينَ مِنْهُمْ [الجمعة:٣] يدل على أن البعثة الثانية للنبي، صلى الله عليه وسلم، في الآخرين الذين يأتون بعد من الصحابة تكون منهم لا من غيرهم، ومعلوم أن النبي لا يبعث بذاته مرة ثانية، فليس المراد إذاً إلا المسيح الموعود بكونه نبياً في الآخرين باسم النبي، صلى الله عليه وسلم" (٢).

وهذا تفسير باطل للآية، لأن ظاهر الآية واضح لكل ذي عينين، فالآية تشير بجلاء تام إلى أن الله تعالى بعث محمداً، صلى الله عليه وسلم، إلى الناس كافة يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [الجمعة:٢] فليس في الآية دليل على بعثة المسيح الموعود كما يزعم القاديانيون.

ويقول في قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ٌ [المائدة:٣] يقول: "معلوم أن النبوة هي أعظم نعمة من نعم الله، فلو كانت منقطعة لما كانت النعمة تامة، بل كانت ناقصة" (٣).

والحقيقة إن هذه الآية أكبر دليل على ختم النبوة، فالله سبحانه وتعالى أكمل برسالة الإسلام الدين، فلا دين بعده، ولا نبي بعده، لاكتمال الرسالة وختمها برسول الله، صلى الله عليه وسلم.

الأدلة من السنة على استمرار النبوة في زعم القاديانيين: عن ابن عباس، رضي الله عنه: ((لما توفي إبراهيم ابن الرسول قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لو عاش لكان صديقاً نبياً)) (٤).


(١) نذير السيالكوني القادياني: ((القول الصريح في ظهور المهدي والمسيح)) (ص١٩٩).
(٢) نذير السيالكوني القادياني: ((القول الصريح في ظهور المهدي والمسيح)) (ص٢٠١).
(٣) نذير السيالكوني القادياني: ((القول الصريح في ظهور المهدي والمسيح)) (ص٢٠٣).
(٤) رواه ابن ماجه (١٥١١) قال الحافظ في ((الإصابة)) (١/ ٩٤): فى سنده أبو شيبة الواسطي إبراهيم بن عثمان وهو ضعيف. وكذلك قال السخاوي في ((المقاصد الحسنة)) (٤٠٦) وقال الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (٢٢٠): ضعيف. وصححه في ((صحيح ابن ماجه)) (١٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>