ويؤيده أيضا أنه قد ثبت أن في القرآن متشابها وهو ما يحتمل معنيين، وفي مسائل الصفات ما هو من هذا الباب كما أن ذلك في مسائل المعاد وأولى، فإن المتشابه بين الله وخلقه أعظم من نفي المتشابه بين موعود الجنة وموعود الدنيا. وإنما نكتة الجواب هو ما قدمناه أولا أن نفي علم التأويل ليس نفيا لعلم المعنى" (١)، ثم زاده شيخ الإسلام تقريرا وشرحا بشواهد الكتاب والسنة وكلام الصحابة وسائر السلف والأئمة الذين تكلموا في نصوص الصفات وغيرها، وفسروها بما يوافق دلالتها وبيانها، وحرص عبدالله بن مسعود على تعلم التفسير، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس، وتعلم جميع الصحابة التفسير مع التلاوة، وأقوال الأئمة، كل ذلك أدلة واضحة لمن هداه الله على إثباتها للصفات التي دلت عليها النصوص، مع نفي العلم بالكيفية.
وبهذا يتبين أنه على القول بأن الصفات ليست من المتشابه مطلقا، أو القول بأنها من المتشابه – بالمعنى السابق – ليس لأهل الكلام ولا لغيرهم دليل على زعمهم أنه يلزم فيها تفويض السلف للمعنى والكيفية، أو تأويلها بما يوافق عقولهم الفاسدة.
المصدر:موقف ابن تيمية من الأشاعرة لعبد الرحمن المحمود – ٣/ ١١٤٠
(١) ((الإكليل في المتشابه والتأويل – مجموع الفتاوى –)) (١٣/ ٣٠٦)، وانظر ((ظاهرة التأويل وصلتها باللغة)) (ص: ١١٧ - ١١٨).