للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة" (١).

هكذا ورد في نزول عيسى في آخر الزمان عدة أحاديث صحيحة بلغت حد التواتر، حيث سينزل عيسى، عليه السلام، لقتل الدجال ولإحياء ما درس من شريعة الإسلام. ومن هنا نفهم أن مسألة نزوله لا يعني أبداً أنه سيأتي بشريعة جديدة، بل سيعمل ويحكم بشريعة الإسلام، ذلك أن رسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، هي خاتمة الشرائع، ونبوته هي النبوة الخاتمة، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة، رضي الله عنه – وأشرنا إليه – قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد)) (٢) وعن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم يقول: ((ولا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال: فينزل عيسى ابن مريم، صلى الله عليه وسلم، فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة)) (٣).فمسألة نزول عيسى، عليه السلام، وقتله الدجال والخنزير، وحكمه بشريعة الإسلام من المسائل المقررة التي يعتقدها جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة، وإن قول عيسى، عليه السلام، في الحديث الذي رواه مسلم حين طلب منه أن يصلي إماماً تأكيداً لقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((لا نبي بعدي)) (٤). ومعنى ذلك أيضاً أن نبي الله عيسى، عليه السلام، سينزل حاكماً بشريعة الإسلام، ويُحيي تعاليم الإسلام التي اندرست وغابت عن حياة الناس.

والأمر العجيب حقاً ما يدعيه القاديانيون حيث يدَّعون أن المقصود بالمسيح الموعود في الأحاديث النبوية الشريعة ليس عيسى ابن مريم، عليه السلام، لأنه مات، وإنما المقصود هو مثيل المسيح، يعني مسيح مثل ابن مريم، ويعنون بذلك مسيحهم المزعوم مرزا غلام أحمد، ويقولون: طالما أن المسيح كان نبياً، فلا ينافي مجيئه مع ختم النبوة.

والحقيقة .. .. إن الأحاديث النبوية الشريفة تبين لنا تعسف القاديانية في تأويلها تأويلاً خاطئاً لصالح زعمهم بأن غلام أحمد هو المسيح ابن الموعود، والأحاديث في نزول عيسى ابن مريم كثيرة كما ذكرنا. فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: ((كيف أنتم إذا نزل ابن مريم وإمامكم منكم)) (٥).


(١) محمد السفاريني: ((لوامع الأنوار البهية))، (ص٨٠).
(٢) رواه البخاري (٢٢٢٢) ومسلم (١٥٩).
(٣) رواه مسلم (١٥٦).
(٤) رواه البخاري (٣٤٥٥)، ومسلم (١٨٤٢).
(٥) رواه البخاري (٣٤٤٩) ومسلم (١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>