وإنني أدعوا القاديانيين جميعا أن يبحثوا في كتب السنة جميعها عشر سنين، وإن شاؤوا معها أخرى وثالثة ورابعة حتى يأتوا بنص صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من أصحابه يسرد القصة مثل سردهم.
وإن كان خيرا لهم وأقوم أن يعودوا إلى جادة الحق والرشد، ويعلموا أنه لن ينجيهم من عذاب الله إلا صدق الإيمان وصحة الاتباع، والبراءة من هذا الدين المعوج الساقط، الذي تمجه العقول وتأباه الفِطر، والله الهادي.
جاء في الرسالة ص٣ - ٤: (واعلموا أن القرآن المجيد لا يسمح لأحد أن يصعد إلى السماء بجسده ثم ينزل منها، ألا تعلمون أن الكفار طالبوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يرقى في السماء وينزل عليهم كتابا يقرؤنه دليلا على أنه صعد إلى السماء، فرد الله عليهم: قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً [الإسراء:٩٣]، فلو كان الصعود إلى السماء بالجسد ممكنا لبشر لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى وأجدر أن يصعد إلى السماء أمام أعين الكفار ليؤمنوا به، فالأمر الذي لم يجز لأفضل الرسل محمد صلى الله عليه وسلم كيف جاز لعيسى بن مريم عليه السلام ... ).
والجواب: أقول وبالله التوفيق: إن هذه الفئة المارقة لا تفتأ تتشبث بأي شبهة استدلال حتى ولو كانت في الوهن كبيت العنكبوت، لكنها في الواقع شاهدة على ضلالهم وانحرافهم، ومن ذلك هذا الاستدلال الساقط الذي يظهر ضعفه ووهاؤه لكل ذي عينين، وسوف أذكر شيئا من ذلك فيما يأتي:
أولا: لقد ادعوا أن القرآن لا يسمح لأحد أن يصعد إلى السماء بجسده ثم ينزل منها؛ فيقال لهم:
ماذا تقولون في معراج النبي صلى الله عليه وسلم، أليس صعودا إلى السماء ثم نزولا منه؟ وجماهير المسلمين على أن ذلك كان بجسده وروحه. هل سيسلمون بذلك كحال المسلمين فتنقطع حجتهم؟ أم سيبادرون بالإنكار والتأويل – كعادتهم – فينكشف أمرهم للمسلمين أكثر؟!
ثانيا: أن الدعوى أعم من الدليل فلا يستقيم الاستدلال؛ بمعنى أنه إذا سُلم أن الآية تدل على الامتناع فإنها واردة في شأن أمرين: صعود إلى السماء مع تنزيل كتاب يُقرأ، والبحث ههنا في قضية واحدة، وهي الصعود، فلا يلزم أن يكون ذلك ممتنعا.
ثالثا: هل عدم الاستجابة يدل على امتناع تحقق المطلوب؟ لا شك أن كل مسلم سيجيب بالنفي؛ فإن الله تعالى لا يعجزه شيء، وهو على كل شيء قدير من الموجودات والمعدومات.
يوضح ذلك أن النبي قال سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً [الإسراء:٩٣]، ولم يقل: وهل يمكن أن يقع ذلك؟ أو نحوه، بل إن قوله ذلك يدل على أن المطلوب أمر لا يمتنع وقوعه، وإنما الأمر لله سبحانه الفعال لما يريد، إن شاء أجاب إلى ما سألوا، وإن شاء لم يجب، وما هو إلا رسول يبلغ رسالات الله وينصح لهم.
رابعا: إن كان يمتنع – كما يزعمون – الصعود إلى السماء فليمتنع أيضا ما ورد في السياق نفسه: وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا [الإسراء:٩٠ - ٩١] إلى أن قال: أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء [الإسراء:٩٣]، فليقولوا باستحالة تفجير الينابيع من الأرض، وأن القرآن يمنع من ذلك، وليكونوا ضحكة العقلاء.
أولا يعلمون أن موسى عليه السلام ضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، وأعظم من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم نبع الماء من بين أصابعه عليه الصلاة والسلام، فإذا أمكن ذلك فلماذا لا يمكن الصعود إلى السماء؟!
جاء في الرسالة ص٤: أن عقيدة وفاة عيسى تمسك بها صلحاء الأمة وكبراء علمائها.