للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن هذه النصوص وغيرها تبين لكل ذي عينين وعقل صريح وقلب سليم، أنه لا نبي بعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأن سلسلة الأنبياء قد انتهت به، وأن كل من ادعى النبوة في حياته أو بعد مماته إنما هو كذاب ضال مضل .. فهذه النصوص النبوية تجزم بما لا يدع مجالاً للشك أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هو النبي الخاتم، وقد انقطع الوحي بوفاته، صلى الله عليه وسلم. يقول الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله: "إن الأمة فهمت بالإجماع من هذا اللفظ أي ((لا نبي بعدي)) (١) ومن قرائن أحواله أنه أفهم عدم نبي بعده أبداً، وإنه ليس فيه تأويل ولا تخصيص، فمكر هذا لا يكون إلا منكر الإجماع" (٢).وقال الزمخشري: "فإن قلت كيف كان آخر الأنبياء وعيسى ينزل في آخر الزمان؟ قلت: معنى كونه آخر الأنبياء أنه لا ينبأ أحد بعده، وعيسى مما نبئ قبله، وحين ينزل، ينزل عاملاً على شريعة محمد مصلياً إلى قبلته كأنه بعض أمته" (٣).وقال البيضاوي في تفسيره: "محمد، صلى الله عليه وسلم، آخر أنبياء الذي ختمهم أو ختموا به، ولا يقدح فيه نزول عيسى بعده، لأنه إذا نزل كان على دينه" (٤).وإن المسلم يجب أن يكون معتقداً اعتقاداً جازماً بأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هو خاتم الأنبياء، وإن عدم الإيمان بختم النبوة بمحمد، صلى الله عليه وسلم، فهذا جزم بأن صاحب هذا الاعتقاد كافر وليس بمسلم على الإطلاق، فالإيمان بختم النبوة من المسلمات ومن الأمور المعروفة في الدين بالضرورة، وقد ادعى رجل في عصر الإمام الأعظم أبي حنيفة النبوة وقال أنه عنده دليل على صحة نبوته فقال الإمام الأعظم رضي الله عنه: من طلب منه الدليل فقد كفر، لأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال في الحديث الصحيح: ((لا نبي بعدي)) (٥).


(١) رواه البخاري (٣٤٥٥)، ومسلم (١٨٤٢).
(٢) الغزالي: ((الاقتصاد في الاعتقاد)).
(٣) ابن كثير: ((تفسير القرآن العظيم)) (٣/ ٤٩٣).
(٤) البيضاوي: ((أنوار التنزيل)) (٤/ ١٦٤).
(٥) رواه البخاري (٣٤٥٥)، ومسلم (١٨٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>