للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يرد أن الكرد استخدموا هذا اللفظ للدلالة على ذات الله سبحانه بتاتاً، وإنما هو مجرد ادعاء بلا دليل ولا برهان، أما الدافع من وراء ذلك فهو نفي أي صلة بين اليزيدية ويزيد بن معاوية وبالتالي نفي العلاقة بينهم وبين الإسلام. لقد سألت الكثير من اليزيدين سواء من طبقة البير مثل البير جعفو، أو طبقة الشيوخ مثل الشيخ عامر، عن الفرق بين إيزي ويزيد فكانوا يقولون إنهما شخص واحد وإيزي هو يزيد نفسه. لقد زرت مرقد الشيخ عدي بن مسافر عدة مرات، وهناك قبر يقع في الجهة اليسرى من الباب الرئيسي لحرم المرقد ويعتقد بعض اليزيديين أنه قبر يزيد بن معاوية، فكنت أسأل الكثير منهم عن صاحب هذا القبر فكان بعضهم يقول لي إنه قبر يزيد، وبعضهم الآخر يقول إنه قبر إيزي أفلا يدل ذلك على أنّ إيزي ويزيد هما شخص واحد، ثم إنه لو كان إيزي تعني الله سبحانه فكيف يموت ويقبر في لالش؟! لقد ورد اسم يزيد عدة مرات في (قول أم يزيد العظيم) الذي اطلعت عليه ضمن مجموعة الأقوال التي حصلت عليها من الشيخ علو، فرأيت أن اسم يزيد يرد في بعض الأحيان كما هو، ويرد في أحيان أخرى بصيغة إيزي فتأمل. لقد استشهد الباحثان على ادعائهما بمقطع من أحد أقوالهم ونصه باللغة الكردية يقول: سلتان إيزي بخو باشاية السلطان إيزي هو الله هةزاروئيك ناف لخو داناية له ألف اسم واسم نافى مةزن هةر خوداية والاسم الأعظم هو الله وللرد على استشهادهما هذا أقول إن ذلك ليس إلا أثراً من آثار تأليه يزيد بن معاوية لدى اليزيدية كما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية في الوصية الكبرى. أما الرأي الخامس والقائل أن اليزيديين هم بقايا الديانة المثرائية القديمة، والتي ظهرت في إيران قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام بقرنين تقريبا وأنهم ينسبون إلى الإيزدا، فقد استشهد أصحابه بعدة أدلة، إذ يقول جورج حبيب في كتابه (اليزيدية بقايا دين قديم) تحت عنوان اليزيدية والمثرائية: (قد يبدو للقارئ أنني ذهبت في حديثي عن المثرائية بعيدا ولكن الواقع يحتم هذا الاستطراد لتتضح العلاقة المثرائية اليزيدية للقارئ وتبدو هذه العلاقة واضحة فيما يلي: ١ - لا يسمي اليزيدية أنفسهم يزيدية ابتداء بالياء، بل إيزيدية ابتداء بالألف فهم بهذا ينسبون إلى الإيزدا. ٢ - وصف إسماعيل جول يزيد في حديثه عن ولادته أنه (بربري) ابن معاوية البربر، وكلمة بربر كما علم القراء تعني إله الشمس الذي هو أول (الإيزيدا (٣ - يرسم اليزيديون علامة الصليب المثرائي (+) على ما يشترونه من حاجات وأدوات منزلية على سبيل التيمن والبركة. ٤ - يتطابق موعدا عيد ميلاد يزيد وعيد ميلاد مثرا في الخامس والعشرين من شهر كانون الأول، كما يشعل كلا الطرفين النيران ليلة العيد. وردّا على هذا الرأي أقول: ١ - لو كانت اليزيدية ديانة قديمة لورد اسمها في الكتب التي تحدثت عن تلك الأديان القديمة التي ظهرت في المنطقة، لذلك فإنني لم أر أي وجود للفظة اليزيدية ولا اليزدانية ولا الإيزدانية في تلك الكتب القديمة، وأول من ذكر هذه الطائفة باسم اليزيدية هو عبد الله بن شبل المتوفى (٧٢٥) هـ أي بعد وفاة الشيخ عدي بن مسافر بـ (١٧٠) سنة تقريبا في كتابه (الرد على الرافضة واليزيدية) حيث يقول: (وبعد: فإنه حضر عندي جماعة من صلحاء أهل السنة بنواحي الفرات، وأخبروني أنه قد استحوذ الشيطان بها على عقولهم فمنهم طائفة انتموا إلى مذهب الرافضة والزيدية وطائفة تمسكوا بآراء الجهال من العدوية واليزيدية وكلتا الطائفتين على طرفي نقيض هؤلاء اليزيدية قوم استحوذ على عقولهم الشيطان ومارسهم -كذا- ووسوس لهم محبة يزيد بن معاوية وتمسك هؤلاء الجهّال بحب يزيد والإطراء منه جهلا منهم.)

<<  <  ج: ص:  >  >>