لهم كعبة يقصدونها للزيارة، ويحتفلون بذلك في مواعيد محددة من السنة. وكعبتهم هذه هي مرقد الشيخ عدي قرب عين سفني، وهي مركز منطقة شيخان في الموصل. ويقولون إن جبل لاليش الذي فيه مرقد الشيخ عدي يعتبر مثل مكة التي يقصدها المسلمون. وهي إن لم تكن أعلى منها فليست بأقل منها. ويختمون موسم الحج من يوم ١٥ أيلول الشرقي (٢٨ أيلول الغربي)، وينتهي في اليوم العشرين (٣ تشرين الأول الغربي). وهو فرض على كل يزيدي مهما كانت سنه، وأينما كان، ويمضون فيه أفراحا في الشراب والطرب.
ويروون أن الشيخ عدي ذهب لزيارة مكة مع الشيخ عبد القادر الكيلاني. وبقي هناك أربعين سنة، ثم دعاه الملك وتشبه بصورته. وتجادل معه أهل مكة، وما قبلوا وصيته. ولما يئس منهم ذهب إلى السماء. وبعد موته ظهر لهم ملاك، وقال لهم: إن هذا الشيخ عدي نفسه، عند ذلك اعتبروه وقدروه وجعلوا بيته مزارا، يجب أن يزوره كل يزيدي في السنة. ومن زاره ولم يقدم شيئا للشيخ والقوالين بحضور صورة الملك طاووس فهو كافر.
أما سبب جعلهم مرقد الشيخ كعبتهم وتفضيلهم إياه على مكة المكرمة أن علماءهم وأشرافهم يقولون دوما: كلما زرنا الشيخ عدي ليهدينا ويرشدنا أفدنا من وعظه وأصغينا إلى نصائحه ". والغرض من حج بيت الله هو لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:٢٧]
وينتهز القوالون فرصة أيام الحج ليحملوا معهم مقدارا من تربة مرقد الشيخ، حيث يصنعون منها كرات أو أقراصا يسمونها " براءة "، فيمنحونها هدية للزوار للتبرك وحفظ الروح. وعلى كل يزيدي أن يحتفظ بواحدة من " براءة " ليقبلها صباحا ومساء بكل احترام. ويعتقدون أن هذا القرص يحفظه من كل مصيبة أو أذى. والأموال التي يجنيها القوالون من هذه الأقراص تعتبر وسيلة عيشهم. وهم كذلك يبيعونها للمرضى. ويعتقدون أن من يأكل القرص ينجو من المرض طوال العام روحا وجسدا ببركة الملك طاووس.
الزكاة:
يختلف مفهوم الزكاة عندهم عما هو في الإسلام. فهي عندهم ضرائب دينية. ويقولون: إن الشيخ عدي رأى في زمانه أن الشيوخ والرؤساء الدينين كانوا مختلفين فيما بينهم ومتخاصمين. وكان اختلافهم حول مزارعهم وأملاكهم وتنمية أموالهم. فباشر ببث روح الفضيلة بينهم، وبإبعاد الجشع والطمع عنهم. حتى وفق إلى تزهيدهم بالدنيا وما حوت من زائل، وتوجيه أنظارهم نحو الآخرة. وسرعان ما تنازل الشيوخ والرؤساء عن أموالهم لمريديهم وفرض الشيخ عدي على المريدين سهما من عائداتهم، بحيث يدفع الواحد منهم مقدارا من غلاته للمالك الأصلي السابق، وهو ذلك الشيخ. فغدا هذا الدفع بمثابة الإرث، أو الضريبة الثابتة. وفرض على كل مريد أن يدفع للشيخ عشر محصوله، ويدفع للبير نصف حصة الشيخ، وللمربي نصف حصة بير، وللفقير ثلاثة أرباع السهم، وللكوجك سهما، أي على المرد أن يدفع لرجال دينه ٢٥ر١٩% من محصوله السنوي، بالإضافة إلى دفعات أخرى (١).
وهم يدفعون صدقات حين تمر بهم السناجق وحين يبيعون محاصيلهم ويربحون يعطون من أموالهم القوالين والمشايخ وغيرهم خيرات باسم الملائكة. وهؤلاء يقبلون هداياهم، ويرجون الله إدخال المتصدقين الجنة.