ثالثاً: ظهرت في الربع الأخير من القرن الرابع عشر الهجري جماعة يتزعمها عبد الله الحبشي الذي نزح من الحبشة إلى الشام بضلالته، وتنقل بين دياره حتى استقر به المقام في لبنان، وأخذ يدعو الناس على طريقته، ويكثِّر أتباعه وينشر أفكاره التي هي أخلاط من اعتقادات الجهمية والمعتزلة والقبورية والصوفية، ويتعصب لها ويناظر من أجلها، ويطبع الكتب والصحف الداعية إليها.
والناظر فيما كتبته ونشرته هذه الطائفة يتبين لهم بجلاء أنهم خارجون في اعتقادهم عن جماعة المسلمين (أهل السنة والجماعة) فمن اعتقاداتهم الباطلة على سبيل المثال لا الحصر:
١ - أنهم في مسألة الإيمان على مذهب أهل الإرجاء المذموم.
ومعلوم أن عقيدة المسلمين التي كان عليها الصحابة والتابعون ومن سار على هديهم إلى يومنا هذا أن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، فلا بد أن يكون مع التصديق موافقة وانقياد وخضوع للشرع المطهر، وإلا فلا صحة لذلك الإيمان المُدَّعى.
وقد تكاثرت النقول عن السلف الصالح في تقرير هذه العقيدة، ومن ذلك قول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:" وكان الإجماع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ومن أدركناهم يقولون: الإيمان قول وعمل ونية، ولا يجزئ واحد من الثلاث إلا بالآخر ".