للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المعلوم أنه لا يمدح الممدوح بترك ما لو أراده لم يقدر عليه، وعندكم أن الظلم لا يقدر الله عليه فأي مدح له على شيء لم يفعله لعدم قدرته عليه؟! ونحن نقول: إن الله قادر عليه إلا أنه لا يفعله لتمام حكمته وعدله ورحمته سبحانه وتعالى، ومما يدل على قدرته عليه قوله في الحديث القدسي: ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)) (١)، فقوله: ((وجعلته بينكم محرماً)) يدل على أنه ظلم مقدور يستحق تاركه الحمد والثناء.

٢ - من اعتمد منهم إثبات العلل والمصالح في الأحكام الشرعية يقال له: لم فرقت بين إثبات العلل والحكم في أحكامه وبين إثباتها في أفعاله؟ ولن يجد لذلك جواباً فإما أن يلتزم نفي الجميع فيكون الرد عليه بما تقدم، وإما أن يلتزم إثبات الجميع وهو الحق.٣ - قالوا في دليل إثبات العلم لله بالعقل: "الله تعالى فاعل فعلاً متقناً محكماً بالقصد والاختيار، وكل من كان كذلك وجب له العلم" (٢).

فيقال لهم: قد استدللتم على إثبات علم الرب بما في مخلوقاته من الإحكام والإتقان بشرط قصد ذلك، فأثبتم له قصداً، ونحن نقول إنه قصد حكمة أرادها من خلقه، فأثبتم قصده في العلم ونفيتموه في الحكمة، وكان اللازم إثباتهما حتى لا يحدث اضطراب وتناقض، وإلا لزم من نفي الحكمة نفي العلم. والصواب إثبات القصد في العلم والحكمة. فمن نفاه في الحكمة وأثبته في العلم كان متناقضاً.

المصدر: منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى لخالد عبداللطيف – ١/ ٣٢٩


(١) رواه مسلم (٢٥٧٧) من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
(٢) ((تحفة المريد)) (ص: ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>