للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: ما تعلقت به الإرادتان الكونية والدينية، وهو ما وقع في الوجود من الأعمال الصالحة، فهذه مرادة دينا لأنها أعمال صالحة مأمور بها، ومرادة كونا لأنها وقعت.

الثاني: ما تعلقت به الإرادة الدينية فقط، وهو ما أمر الله به من الطاعات والأعمال الصالحة، فعصى ذلك الكفار ولم يأتوا به، فهذا مراد شرعا لأنه من الأعمال الصالحة، وغير مراد كونا لأنه لم يقع من الكفار والعصاة.

الثالث: ما تعلقت به الإرادة الدينية فقط، كالمباحات والمعاني التي لم يأمر بها الله إذا فعلها العصاة. فهي غير مرادة دينا، ولكنها مرادة كونا لأنها وقعت. الرابع: ما لم تتعلق به الإرادتان، وذلك مما لم يقع ولم يوجد من أنواع المباحات والمعاصي (١).

وبهذا التفصيل – الذي دلت عليه النصوص – يتبين رجحان مذهب أهل السنة والجماعة. أما محاولة بعض الأشاعرة أن يجيبوا عن النصوص التي دلت على أن الله لا يحب الكفر ولا الفساد – بأن هذا خاص بمن لم يقع منه الكفر والفساد، والمعنى أن الله لا يحب الفساد لعباده المؤمنين ولا يرضاه لهم – فهذا جواب فاسد لأن لازم هذا أن الله لا يحب الإيمان ولا يرضاه من الكفار، لأنه لم يقع منهم، لأن المحبة عندهم كالإرادة إنما تتعلق بما وقع دون ما لم يقع. وهذا من أعظم الباطل (٢).

ولا شك أن تخبط الأشاعرة ومعهم المعتزلة في هذه المسائل أدى بهم إلى الانحراف في مسألة القدر وأفعال العباد.

المصدر:موقف ابن تيمية من الأشاعرة لعبد الرحمن المحمود – ٣/ ١٣١٥


(١) انظر: ((مراتب الإرادة – مجموع الفتاوى –)) (٨/ ١٨٩).
(٢) انظر: ((رسالة الاحتجاج بالقدر)) (ص: ٦٨) – ط المكتب الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>