للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩ - الشيخ عبدالقادر الجيلاني: انتقد الشيخ عبدالقادر الجيلاني قول الأشاعرة إن كلام الله معنى قائم قديم بالنفس. وقال: "ينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش، لا على معنى العلو (أي علو المنزلة) والرفعة كما قالت الأشعرية، ولا على معنى الاستيلاء كما قالت المعتزلة. وأنه تعالى ينزل في كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء لا بمعنى نزول الرحمة وثوابه على ما ادعت المعتزلة والأشعرية" (١).

فهذا الجيلاني يقرن الأشاعرة بالمعتزلة.

١٠ - محمد أنور الكشميري: كذلك انتقده الشاه محمد أنور الكشميري الحنفي (٢) قائلا: ألا ترى أن الأشعري لما بالغ في التنزيه وشدد فيه لزمه نفي كثير من الصفات التي أثبتها السمع حتى قارن المعطلة، فلم يبق للاستواء المنصوص عنده مصداق، وصار نحو ذلك كله من باب المجازات عنده، فالقرآن يأبى عما يريده الأشعري من تنزيهه هذا".

أضاف "وقد نقلنا لك أننا لم نجد تعبيراً في القرآن أزيد إيهاماً من قوله تعالى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ [طه: ١٤] ومن قوله بُورِكَ مَن فِي النَّارِ [النمل: ٨] وكان ذلك مسموعاً، فالأشعري يزعمه خلاف التنزيه قلت: فعليه أن يكره هذا التعبير أيضاً ولكن القرآن قد أتى به ولم يبال بذلك الإيهام، ولا أراه مخالفاً للتنزيه ... "."وبالجملة قد ثبت إسناد كثير من الأشياء في السمع ولا يرضى الأشعري إلا بقطعها عن الله تعالى، مع أن القرآن على ما يظهر لا يسلك مسلك تلك التنزيهات العقلية" (٣).

وهذا اعتراف منه بأن إثبات الصفات ليس تشبيهاً، وهو كلام جيد، غير أن الرد على الأشعري والسكوت عن الماتريدي ليس من الإنصاف، لأن الكشميري ما تريدي، والتأويل سائغ في مذهبهم. وكلامه هذا حجة على الماتريدية أيضاً.

١١ - أحمد بن الصديق الغماري

- ومن المعاصرين أبو الفضل أحمد بن الصديق الغماري – أخو عبدالله الغماري – الذي قال عند تفسير قوله تعالى وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ [المائدة: ٦٤]. "وأما الأشعرية فأنكرت أن تكون لله يد بالمرة، فهم أظلم منهم، وزعموا أن من قال لله يد وعين وقدم: مشبه ومجسم، وحرفوا معنى قوله تعالى بِأَعْيُنِنَا [هود: ٣٧] بالحفظ والقدرة، وهو خلاف الحق ومذهب السلف، فكانوا في ذلك أعلم من الله الذي أثبت ذلك لنفسه على المعنى الذي أراده، لا على معنى الجارحة الذي فهمه الأشعرية وغيرهم من المؤولة، وضل من قال "قدرتاه مبسوطتان" فإنه ليس من المعهود أن يطلق الله على نفسه معنى القدرة بلفظ التثنية، بل بلفظ الإفراد الشامل لجميع الحقيقة كقوله تعالى أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً [البقرة: ١٦٥].وقال في تفسير قوله تعالى ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف: ٥٤] قال: "استواء يعلمه الله تعالى، ويجب علينا الإيمان به وتسليم معناه لله ورسوله، لا استولى كما يقول الأشعرية المبتدعة تعالى الله عن قولهم وعن مذهبهم علواً كبيراً" (٤).

كل هؤلاء انتقدوا المذهب الأشعري، بينما لم ينتقدوا مذهب أحمد والشافعي في العقائد، مما يؤكد أن الأشعري لم يكن علما من أعلام السنة.

المصدر:موقف ابن حزم من المذهب الأشعري لعبدالرحمن دمشقية - ص ٧


(١) ((الغنية لطالبي الحق)) (٥٦ - ٥٧ و ٦٠).
(٢) وهو الذي يبجله الكوثري ويعظمه ويجله غاية الإجلال ((مقالات الكوثري)) (ص: ٣٥٩) و ((التصريح بما تواتر في نزول المسيح)) (ص ١٢ - ٣٢).
(٣) ((فيض الباري شرح صحيح البخاري)) (٤/ ٤٧٣).
(٤) كتاب ((الإقليد في تنزيل كتاب الله على أهل التقليد)) (ص: ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>