للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أما الماتريدية فكانوا في مخالفة الأشاعرة أقرب إلى قول المعتزلة بل قولهم وقول المعتزلة على السواء كما ذكر ابن عذبة، إلا أنهم يختلفون معهم في وجوب ذلك على الصبي العاقل غير البالغ: إذا مات بدون تصديق هل هو معذور أم لا؟ (١).١٠) الماتريدية يرون وجوب الإيمان بالعقل، ولا يرون زيادة الإيمان ونقصانه. ويحرمون الاستثناء فيه ومن قال آمنت بالله إن شاء الله فهو كافر لأنه شاك في إيمانه. والإسلام والإيمان واحد. بينما يرى الأشاعرة وجوب الإيمان بالشرع. والإيمان يزيد وينقص ويجوز الاستثناء فيه. ولا يرونه والإسلام شيئا واحدا وإنما أحدهما مغاير (٢).١١) اتفق الماتريدية والأشعرية على الكلام النفسي، لكنهم ما لبثوا أن اختلفوا في سماع موسى كلام الله: هل سمع كلامه القديم أم سمع ما يدل على سماعه؟ فاختار الماتريدي أنه لم يسمع وحملوا نصوص السماع على أن الله تعالى خلق صوتا في الشجرة (٣) وأجاز الأشعري سماع الكلام النفسي القديم، وذكر ابن عذبة أن أبا الحسن ذكر في كتابه (الإبانة) مقالة أهل السنة والحديث في مسألة الكلام وهذا إثبات بأن الكتاب معتمد عند القوم، وأما تجاهل المتأخرين له فمكابرة.١٢) اتفقت الماتريدية على خلق الله لأفعال العباد ثم اختلفوا: هل لقدرة العبد تأثير؟ فإلى الأول ذهب الماتريدية وإلى الثاني جنحت الأشاعرة. ورأى الماتريدي وجود أثر القدرة للعبد في وصف الفعل، ورأى الأشعري أن كل شيء خاضع قسرا للقدرة الإلهية المطلقة. واعتبر البزدوي بأن مسألة الأفعال هي من شر المسائل التي خالف بها الأشعري أهل السنة "يريد الماتريدية". وذكر ابن عذبة أن الجويني غلا في إثبات الأثر لقدرة العبد. قال "وهذا مذهب المعتزلة" اهـ (٤).١٣) واختلفوا في مسألة التكوين والمكون، فرأى الماتريدية أن التكوين صفة أزلية والمكون حادث، وهي تغاير بذلك القدرة لتساوي القدرة في جميع المخلوقات (٥) أما الأشاعرة فيرون أن التكوين هو عين المكون وهو حادث. قال أبو المعين النسفي "وقول أكثر المعتزلة وجميع النجارية والأشعرية: أن التكوين والمكون واحد قول محال" (٦).١٤) واختلفوا في صفة "كن" التي يخلق الله بها الأشياء، فذهب الماتريدية إلى أنها كناية عن سرعة الإيجاد فهي ليست كلمة على الحقيقة وإنما هي كلمة مجازا. وذهب الأشعري إلى أن وجود الأشياء متعلق بكلامه الأزلي، وأن هذه الكلمة دالة عليه (٧).١٥) ذهب الماتريدية إلى أن التوفيق: هو التيسير والنصرة، وذهب الأشعري إلى أن التوفيق هو خلق القدرة على الطاعة (٨).١٦) واختلفوا في السعادة والشقاوة هل تتبدلان أم لا؟ فقال الماتريدية: إن السعيد قد يشقى والشقي قد يسعد. وسبب إجازة الماتريدي تبدل السعادة والشقاوة: لأنهما من أفعال العباد وليس في تغيرهما تغير لما كان مكتوبا في اللوح المحفوظ. واستنكر مشايخ الحنفية مقولة من يمنعون تبدل الشقاوة والسعادة "يريدون الأشعري ومن وافقه" وذكروا أن ذلك يؤدي إلى إبطال الكتب وإرسال الرسل (٩)


(١) ((الروضة البهية)) (ص: ٣٤ - ٣٧).
(٢) ((نظم الفرائد)) (ص: ٣٩ و ٤٨) ((الروضة البهية)) (ص: ٦).
(٣) ((نظم الفوائد)) (ص: ١٥) ((الروضة البهية)) (ص: ٥٠ – ٥٣).
(٤) ((التوحيد)) (ص: ٢٤٣) ((العلم الشامخ)) (ص: ٢٢٦) ((الروضة البهية)) (٢٩ - ٣٠).
(٥) ((البزدوي)) (ص: ٦٩) ((البداية للصابوني)) (ص: ٦٧) ((الروضة البهية)) (ص: ٣٩).
(٦) ((التمهيد)) (ص: ٢٩) و ((تبصرة الأدلة)) (ص: ١٩٣).
(٧) ((الإبانة)) (ص: ٢٥) ((اللمع)) (ص: ١٢٣) ((نظم الفرائد)) (ص: ١٩).
(٨) ((نظم الفرائد)) (ص: ٢٤ - ٢٥).
(٩) ((نظم الفرائد)) (ص: ٤٦) ((الإبانة)) (ص: ٦٥) ((الروضة البهية)) (ص: ٨ - ١١) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>