وفيما يلي نتحدث إن شاء الله عن أسباب انتشار الماتريدية وبسط سلطانهم.
أ - دور ندوي:
المدرسة الندوية الهندية لا تختلف عن المدرسة الديوبندية، الفنجفيرية.
في كونها ماتريدية وعلى غير الطريقة السلفية. وذلك أن إمام الندوية الشيخ أبا الحسن الندوي - مع تظاهره بالسلفية - قد بالغ في الثناء على الماتريدي وطريقته وكتبه ورجحه على الأشعري (١).
فقد أبان الندوي عن حقيقة سلفيته بإكباره وإجلاله لماتريديته.
وما كل مخضوب البنان بثينة [وما كل مصقول الحديد يمانيا.]
المصدر: الماتريدية وموقفهم من توحيد الأسماء والصفات للشمس السلفي الأفغاني ١/ ٢٦٣ - ٢٦٨
الخلاصة:
يمكن إجمالها في أربع مراحل رئيسية كالتالي:
· مرحلة التأسيس: (٠٠٠ـ٣٣٣هـ) والتي اتسمت بشدة المناظرات مع المعتزلة وصاحب هذه المرحلة: أبو منصور الماتريدي ..... عاصر أبا الحسن الأشعري، وعاش الملحمة بين أهل الحديث وأهل الكلام من المعتزلة وغيرهم، فكانت له جولاته ضد المعتزلة وغيرهم، ولكن بمنهاج غير منهاج الأشعري، وإن التقيا في كثير من النتائج غير أن المصادر التاريخية لا تثبت لهما لقاء أو مراسلات بينهما، أو إطلاع على كتب بعضها.
ـ توفي عام ٣٣٣هـ ودفن بسمرقند، وله مؤلفات كثيرة: في أصول الفقه والتفسير. ومن أشهرها: (تأويلات أهل السنة) أو (تأويلات القرآن) وفيه تناول نصوص القرآن الكريم، ولا سيما آيات الصفات، فأوَّلها تأويلات جهمية. ومن أشهر كتبه في علم الكلام كتاب (التوحيد) وفيه قرر نظرياته الكلامية، وبيَّن معتقده في أهم المسائل الاعتقادية، ويقصد بالتوحيد: توحيد الخالقية والربوبية، وشيء من توحيد الأسماء والصفات، ولكن على طريقة الجهمية بتعطيل كثير من الصفات بحجة التنزيه ونفي التشبيه؛ مخالفاً طريقة السلف الصالح. كما ينسب إليه شرح كتاب (الفقه الأكبر) للإمام أبي حنيفة، وله في الردود على المعتزلة (رد الأصول الخمسة) وأيضاً في الرد على الروافض (رد كتاب الإمامة) لبعض الروافض، وفي الرد على القرامطة (الرد على فروع القرامطة).
· مرحلة التكوين: (٣٣٣ـ٥٠٠هـ): وهي مرحلة تلامذة الماتريدي ومن تأثر به من بعده، وفيه أصبحت فرقة كلامية ظهرت أولاً في سمرقند، وعملت على نشر أفكار شيخهم وإمامهم، ودافعوا عنها، وصنفوا التصانيف متبعين مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع (الأحكام)، فراجت العقيدة الماتريدية في تلك البلاد أكثر من غيرها. ومن أشهر أصحاب هذه المرحلة: أبو القاسم إسحاق بن محمد بن إسماعيل الحكيم السمرقندي (٣٤٢هـ)، عرف بأبي القاسم الحكيم لكثرة حكمه ومواعظه، وأبو محمد عبد الكريم بن موسى بن عيسى البزدوي (٣٩٠هـ).
· ثم تلى ذلك مرحلة أخرى تُعتبر امتداداً للمرحلة السابقة. ومن أهم وأبرز شخصياتها:
ـ أبو اليسر البزدوي (٤٢١ـ٤٩٣هـ): هو محمد بن محمد بن الحسين بن عبدالكريم، والبزدوي نسبة إلى بزدوة ويقال بزدة، ولقب بالقاضي الصدر، وهو شيخ الحنفية بعد أخيه الكبير علي البزدوي، ولد عام (٤٢١هـ).
(١) ((تاريخ الدعوة والعزيمة)) (١/ ١١٤ – ١١٥).