للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن صرح كثير من أئمة السنة منهم شيخ الإسلام بأن "النفس" ليست من صفات الله تعالى، وإنما المراد من "النفس" "ذات الله المقدسة"، لأن "نفس الشيء" "ذاته وعينه" وأن هذا هو الصواب. فإذن نصوص "النفس" ليس من نصوص الصفات (١).ومنه شيخنا عبدالله بن محمد الغنيمان حفظه الله تعالى فله تحقيق دقيق عميق أنيق وثيق حقيق بالقبول فقد حقق أن "نفس" الشيء "ذاته وعينه" ووفق بين كلام الأئمة أمثال ابن خزينة، والدارمي وبين كلام شيخ الإسلام فراجعه (٢).المثال الثالث عشر: صفة "الوجه الكريم" لله عز وجل، فقد عطلوها، وحرفوا نصوصها بتأويلها إلى "الوجود"، و"الذات" (٣).المثال الرابع عشر: صفة "العين" لله تعالى، فتراهم يعطلونها ويحرفونها إلى: "الحفظ، والرعاية، والإعلام، والأمر، والواحي، والمنظر، والمرءي" وغيرها (٤).

الأمثلة: الخامس عشر إلى العشرين: صفات "اليدين"، و"اليد" و"اليمين" و"القبضة" و"الكيف" و"الأصابع" لله سبحانه وتعالى ليس كمثله جل وعلا، فهذه الصفات قد عطلوها وحرفوا نصوصها إلى "القدرة أو النعمة، أو التدبير، أو الذات" أو غيرها. المثال الحادي والعشرون: صفة "الرِجْل" له سبحانه وتعالى، عطلوها وحرفوا نصوصها إلى "رجل بعض المخلوقين"، أو المراد بالرجل أنه اسم لمخلوق من المخلوقين أو المراد "الجماعة"، أو "الجد في الأمر" أو "الزجر لجهنم والردع والقمع لها وتسكين حدتها" (٥).

وقد ذكرنا حديث "الرجل" وخرجناه من الصحيحن وبينا بطلان قول من طعن فيه، ونصه يبطل تأويلات هؤلاء المتكلمين. المثال الثاني والعشرون: صفة "القدم" لله جل وعلا، فعطلوها وحرفوا نصوصها إلى أن المراد "المتقدم" أو "قدم بعض المخلوقين" أو "مخلوق اسمه قدم" أو "موضع" أو "اسم لما قدم من شيء، وغيرها (٦).

وسقنا روايات صفة "القدم" وخرجناها من الصحيحين ونصوصها تبطل هذه التحريفات. وللإمام أبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (٢٢٤هـ) الذي يجعله الكوثرية وبعض الديوبندية حنفياً ويعدونه من كبار أئمة الحنفية (٧) - حول أحاديث الرجل والقدم ونحوها من أحاديث الصفات، كلام يقضي عن تأويلات هؤلاء المتكلمين. ونصُّه: "نحن نروي هذه الأحاديث، ولا نزيغ لها المعاني" (٨).


(١) انظر ((مجموع الفتاوى)) (٩/ ٢٩٢ - ٢٩٣، ١٤/ ١٩٦ - ١٩٧)، وعلى هذا مشى الدكتور أحمد بن ناصر الحمد، انظر ((ابن حزم وموقفه من الإلهيات)) (ص ٢٨٤ - ٢٨٦).
(٢) انظر شرح كتاب ((التوحيد)) من صحيح البخاري (١/ ٢٤٩ - ٢٥٥).
(٣) انظر ((مدار التنزيل للنسفي)) (٢/ ٦٧٠)، ((شرح المواقف للجرجاني)) (٨/ ١١١)، ((إرشاد العقل السليم لأبي السعود العمادي)) (٧/ ٢٨)، ((إرشاد المرام للبياضي)) (ص ١٨٩).
(٤) انظر ((تأويلات أهل السنة)) لأبي منصور الماتريدي في تفسير قوله تعالى وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا *هود:٣٧*، ((مخطوط دار الكتب المصرية))، و ((المدارك)) للنسفي (٢/ ٣٥٧)، و ((شرح المواقف)) (٨/ ١١٢)، و ((إرشاد العقل)) (٤/ ٢٠٥، ٦/ ١٥)، و ((إشارات المرام)) (ص ١٨٩)، و ((نشرالطوالع للمرعشي)) (ص ٢٦٢)، وراجع ((تلخيص الأدلة)) للصفار (٢٤٠/ب).
(٥) انظر ((عمدة القاري)) (١٩/ ١٨٨)، و ((تعليقات الكوثري على الأسماء والصفات)) (ص ٣٤٨، ٣٥٢).
(٦) انظر ((بحر الكلام)) لأبي المعين النسفي (ص ٢٢)، و ((عمدةالقاري)) (١٩/ ١١٨، ٢٥/ ٩٠، ١٣٧)، و ((حاشية حسن الشلبي "الحلبي" على شرح المواقف للجرجاني)) (٨/ ١١٢).
(٧) انظر ((فقه أهل العراق)) (ص ٦٤).
(٨) نقله البيهقي عن أبي سليمان الخطابي عنه في ((الأسماء والصفات)) (ص٣٥٠)، وسكت عليه الكوثري فصار حجة عليه وعلى الكوثرية والماتريدية عامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>