للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الماتريدي: " القضاء في حقيقته الحكم بالشيء والقطع على ما يليق به وأحق أن يقطع عليه فرجع مرة إلى خلق الأشياء لأنه تحقيق كونها على ما هي عليه وعلى الأولى بكل شيء أن يكون على ما خلق إذ الذي خلق الخلق هو الحكيم العليم والحكمة هي إصابة الحقيقة لكل شيء ووضعه موضعه قال الله تعالى: فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ [فصلت:١٢] وعلى ذلك يجوز وصف أفعال الخلق أن قضى بهن أي خلقهن وحكم ... ".ثم قال: " وأما القدر فهو على وجهين: أحدهما الحد الذي عليه يخرج الشيء وهو جعل كل شيء على ما هو عليه من خير أو شر من حسن أو قبح وعلى مثل هذا قوله: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:٤٩] والثاني بيان ما عليه يقع كل شيء من زمان ومكان وحق وباطل وما له من الثواب والعقاب .... " (١). وقال أيضا: " الحمد لله .... الذي فطر الخلق بقدرته وصرفهم بحكمته على سابق علم ومشيئة ... أنشأ الأشياء كيف شاء لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:٢٣] " (٢) وذكر أبو المعين النسفي في تعريف القضاء والقدر كلاما نحو كلام الماتريدي (٣). وأما بالنسبة للمشيئة فقال: " وإذا ثبت أن الله تعالى هو الذي يتولى تخليق أفعال العباد خيرها وشرها طاعتها ومعصيتها والله تعالى مختار في تخليق ما يخلق غير مضطر فيه ولا اختيار بدون الإرادة ثبت أن ما وجد من أفعال العباد كلها بإرادة الله تعالى وما لم يوجد منها لم يكن بإرادة الله تعالى إذ لم يخلقه ثم حاصل المذهب أن كل حادث حدث بإرادة الله تعالى على أي وصف كان .... " (٤).وقال الناصري: " .... إنما أوجبوا الاعتقاد بسبق علم الله تعالى بكل كائن من خلقه قبل كونهم لأنه تعالى هو القديم الكامل وما سواه محدث وثبوت العلم من صفات الكمال فيستحيل عليه الجهل لما فيه من التعري عن الكمال وإنما قرنوا التخليق بالعلم لأن العلم بالمخلوق من شرط التخليق ... " (٥).وقال أيضا: " وأما قولهم: وكل شيء يجري بقدرته ومشيئته. فإنما قالوا ذلك لما قامت عليه الأدلة القاطعة على أن كل حادث حدث فهو بإرادة الله تعالى وتخليقه وتكوينه خيرا كان أو شرا حسنا كان أو قبيحا جوهرا كان أو عرضا وهو مذهب أهل السنة والجماعة (يعني الماتريدية) " (٦).وقال مبينا إثبات الكتابة: " .... وقد كتب الله تعالى في اللوح المحفوظ جميع ما يكون وجميع ما تفعل العباد قبل خلقهم ... " (٧).وقال صاحب (مميزات مذهب الماتريدية) مشيرا إلى ثبوت مراتب القضاء والقدر عندهم: " ... وكون أفعال العباد بعلم الله تعالى وإرادته وتقديره وكتبه في اللوح لا يستلزم كون صدورها من العباد بالجبر ... " (٨).

فالماتريدية إذ تثبت مراتب القضاء والقدر الأربع العلم والكتابة والمشيئة والخلق فلذا يعدون من مثبتة القدر.

المصدر:الماتريدية دراسة وتقويما لأحمد بن عوض الله بن داخل اللهيبي الحربي - ص٤٣٣ - ٤٣٧


(١) ((التوحيد)) (ص ٣٠٦، ٣٠٧).
(٢) ((التوحيد)) (ص ٢٢١)، وانظر (ص ٢٨٧، ٢٩١، ٢٩٤،٣٠٣، ٣٠٤).
(٣) ((التمهيد)) (ص ٨١، ٨٢)، ((تبصرة الأدلة)) (ل ٤٢٧ - ٤٢٩).
(٤) ((التمهيد)) (ص ٧٥)، ((تبصرة الأدلة)) (ل ٤١١ وما بعدها)، (٣٧٨).
(٥) ((النور اللامع)) (ل٥٥).
(٦) ((النور اللامع)) (ل ٥٦).
(٧) ((النور اللامع)) (ل ١١٠)، وانظر (٥٧، ٥٨،٦١، ٦٢، ٩٤،٩٥).
(٨) ((مميزات مذهب الماتريدية عن المذاهب الغيرية ضمن مجموع)) (ل ٧٥)، وانظر ((تأويلات أهل السنة)) (ل ١٤٩، ٣٥١)، ((سلام الأحكم)) (ص ٤٣ - ٤٩)، ((أصول الدين)) للبزدوي (ص ٤١ - ٤٥، ٥٢، ٩٩)، ((المسايرة)) (ص ١٢٣، ١٢٤، ١٣٣ - ١٣٨)، ((ضوء المعالي)) (ص ٢٢)، ((نثر اللآلئ)) (ص ٢٢ - ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>