للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الأول: أن الماتريدية في تأويلاتهم لصفة "النزول" أتباع الجهمية الأولى فإنهم كانوا يؤولون بمثل تأويلات الماتريدية (١).

وقد تقدم أن جميع هذه التأويلات الموجودة اليوم في كتب الماتريدية والأشعرية مأخوذ عن هؤلاء الجهمية الأولى.

ولنعم ما قيل:

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فإن القرين بالمقارن يقتدي

وقد ذكر الإمام الترمذي (٢٧٩هـ) رحمه الله حديث (النزول) ثم ذكر إجماع أئمة الإسلام على ما يدل عليه وقال:"وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا: هذا التشبيه! " (٢).

وقد سئل الإمام شريك بن عبدالله ((١٧٧هـ) أن المعتزلة تنكر أحاديث النزول، فحدث بنحو عشرة أحاديث وقال:"أما نحن فقد أخذنا ديننا عن التابعين عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم عمن أخذوا؟! " (٣).ولذلك قال الإمام عبدالله بن المبارك (١٨١) هـ) الذي جعلته الكوثرية من كبار أئمة الحنفية (٤)."من قال لك: "يا مشبه" فاعلم أنه جهمي" (٥).

الأمر الثاني:

في بيان خروج الماتريدية على أحاديث النزول الصحيحة المحكمة المتواترة الصريحة.

فأقول: استدل أئمة هذه الأمة على إثبات صفة "النزول" لله تعالى. بأحاديث كثيرة، أكتفي هنا بذكر ما في الصحيحين:


(١) انظر ((متشابه القرآن)) (ص ٦٨٩)، و ((المختصر في أصول الدين ضمن رسائل العدل)) (ص ٣٣٥)، و ((شرح الأصول الخمسة)) (ص ٢٢٩ - ٢٣٠)، كلها للقاضي عبدالجبار أحد أئمة الاعتزال، و ((الكشاف)) للزمخشري الحنفي المكنى بأبي المعتزلة ((١/ ٣٥٣) وانظر: ((شرح حديث النزول)) (ص ٣٧، ٥٥)، و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٥/ ٣٧١، ٣٩٧).
(٢) ((سنن الترمذي)) (٣/ ٤١ - ٤٢)، وانظر: ((الأسماء والصفات)) للبيهقي (ص ٤٥١هـ) وحجة الله (١/ ٦٣).
(٣) رواه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) (ص٤٥)، وسكت عليه الكوثري، وانظر ((الفتح)) (٣/ ٣٠).
(٤) انظر ((فقه أهل العراق)) (ص ٦١).
(٥) رواه ابن منده كما في ((شرح حديث النزول)) (ص ٥٣)، و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٥/ ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>