٣ - إن الكاتب - كما قلت - يكتفي لتعريفنا بكتب التفسير بنقل مقدمات المفسرين أنفسهم في الغالب، وما دام الكتاب في مناهج المفسرين وما دام الكاتب قد عرض لهذه التفاسير، فلا بد أن يتحدث عن مناهجهم ولو قليلًا، ولا يكتفي بذكر مقدماتهم كما فعل الذهبي، ومن ذلك مثلًا تفسير الزحيلي، حيث ذكر مقدمته، واكتفى بها، وهذا لا يجوز، إذ لا بد من الإتيان ببعض الآيات التي فسرها، ليكون نموذجًا تطبيقيًا، يعرف القارئ عن طريقه بالكتاب. وكان حريا أن يناقشه، إذ يتحدث الدكتور الزحيلي في مقدمة تفسيره أنه نقل حديثه عن الإعراب من الأنباري، وحديثه عن البلاغة من صفوة التفاسير، وهذا أمر عجب كلّ العجب لا ينبغي ولا يليق بمفسر وكان حريًا به أن لا يجعل لهما - أعني الإعراب والبلاغة - نصيبًا في تفسيره، وهذه القضية سنناقشها في الجزء الثالث من هذا الكتاب إن شاء الله (١).
٤ - يتحدث الكاتب عن التفسير المنحرف، ويذكر أن من الفرق التي حرفت معاني القرآن الكريم فرقة المعتزلة وفرقة الشيعة، ويعد من التفسيرات المنحرفة الجواهر في تفسير القرآن لطنطاوي جوهري، والهداية والعرفان لأبي زيد الدمنهوري، وتفسير القرآن لعبد الكريم الخطيب. وسامح الله الكاتب كيف يذكر تفسير طنطاوي والخطيب مع الدمنهوري، مع أنه يقول إن الدمنهوري معرض خبيث وطنطاوي عالم فاضل .. إن التفسير المنحرف هو الذي انحرف به أصحابه عن جادة الصواب لأغراض خبيثة، وقد سماه الأستاذ الذهبي التفسير الإلحادي، وسماه الأستاذ مصطفى الطير التفسير المَرَضي. إن تفسير الجواهر وإن كان فيه بعض التجاوزات والهفوات، إلا أنه والحق يقال فيه
(١) كان - رحمه الله - يود الكتابة في منهج الزحيلي - رحمه الله - لكنه لم يكمل ما بدأه في الجزء الثالث، ولم يكتب عنه.