رتبنا ونظمنا المخلوقات، {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ} فما نفعتهم ولا دفعت عنهم، {آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ} يعبدون {مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} عذابه، ولما منصوب بما أغنت، {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} تخسير، يقال (تب) إذا خسر، وتببه غيره ... أوقعه في الخسران أي ما دفعت عنهم عبادة غير الله شيئًا، بل أهلكتهم.
{وَكَذَلِكَ} أي ومثل ذلك الأخذ، ومحل الكاف الرفع {أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى} أي أهلها، {وَهِيَ ظَالِمَةٌ} حال من القرى، {إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} مؤلم صعب على المأخوذ، هذا تحذير لكل قرية ظالمة من كفار مكة وغيرهم، فليبادر الظالمون بالتوبة، ولا يغرهم الإمهال.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ} فيما قصّه من قصص الأمم الهالكة، في هذه وفي غيرها ومن السور، {لَآيَةً} لعبرة، {لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ} أي اعتقد صحة وجوده، فأما من يرى أن العالم لا فاعل له، وإنما هي ذرات تتكون وتنحل، فلا يقول بحساب ولا عقاب، فليس لهذا عبرة عنده. {ذَلِكَ} أي يوم القيامة، {يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ}، أي يجمع له الناس لا محالة، والناس ينفكون عنه، {وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ}، أي مشهود فيه أهل السماوات والأرضين، وقد اتسع فيه بإجراء الظرف مجرى المفعول به، وليس المقصود أن اليوم مشهود في نفسه، وإلا لبطل الغرض من تعظيم اليوم بتمييزه، فإن سائر الأيام مشهودة.
{وَمَا نُؤَخِّرُهُ} أي اليوم، {إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ}، الأجل يطلق على مدة التأجيل كلها، وعلى منتهاها.
{يَوْمَ يَأْتِ} بحذف الياء وإثباتها (يأتي)، والحذف في مثل هذا كثير في لغة هذيل، ونظيره قوله تعالى:{ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ}[الكهف: ٦٤]، والفاعل ضمير يرجع إلى قوله:{يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ}، {لَا تَكَلَّمُ} لا تتكلم، {نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ} أي لا يشفع أحد إلا بإذن الله، {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}{فَمِنْهُمْ} أي من أهل الموقف وهم الناس المذكورون، في قوله {مَجْمُوعٌ لَهُ