للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسُ} {شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} فمنهم معذب، ومنهم منعم.

{فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ} هو أول نهيق الحمار. {وَشَهِيقٌ} هو آخره، أو هما إخراج النفس ورده، والجملة حال، والعامل هو الاستقرار المقدر في النار {خَالِدِينَ فِيهَا} حال مقدرة، و {مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} أي مدة دوام السماوات والأرض، وذلك للتأبيد ونفي الانقطاع، كما تقول العرب: ما لاح كوكب -والمقصود التأبيد {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} هو استثناء من الخلود في النار، وكذلك أهل الجنة يتصلون بجانب القدس، وبرضوان الله، وهذا أعلى من الجنة، أو ما شاء بمعنى من شاء، وهم قوم يقال لهم الجهنميون، يخرجون من النار أيامًا، فهؤلاء لم يشقوا شقاوة من يدخل النار على التأبيد، ولا سعدوا سعادة من لم تمسه النار، هكذا روى ابن عباس والضحاك وقتادة، وهؤلاء هم فساق الموحدين، وقيل إن {إِلَّا} هنا بمعنى سوى، والمعنى سوى ما شاء ربك، من الزيادة التي لا آخر لها على مدة بقاء السماوات والأرض، فالاستثناء راجع إما:

١ - لنوع العذاب كما يرجع النعيم فيما سيأتي. فالمقصود أنهم ينقلون من عذاب إلى عذاب، كما أن أهل الجنة ينقلون من نعيم إلى نعيم.

٢ - أو لنفس المعذبين، فمنهم من لا يخلد في أحدهما، كأهل المعاصي الموحدين.

٣ - أو للمدة التي تزيد على زمن السماوات والأرض التي نشاهدها، وتكون (إلَّا) بمعنى غير.

٤ - وهناك وجه رابع وهو مدة لبثهم في الدنيا والبرزخ، فليسوا في جهنم ما داموا فيها، والاستثناء إذن من أصل الحكم.

٥ - وقيل الشهيق والزفير هما المقيدان بتلك المشيئة لا الخلود، فالزفير والشهيق دائمان إلا في أوقات يعلمها الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>