للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما كلمة (تأويل) فقد وردت في الكتاب العزيز في مواضع متعددة وسياقات مختلفة:

١ - ما يتصل بالمتشابه، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: ٧].

٢ - ما يتصل بتأويل الرؤيا، قال تعالى: {وَقَال يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يوسف: ١٠٠]. وفي السورة نفسها في رؤيا الملك {وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} [يوسف: ٤٤].

٣ - في تأويل الأعمال وبيان ما يقصد منها، قال تعالى حاكيًا عن العبد الصالح، يخاطب موسى عليه الصلاة والسلام: {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: ٧٨]، وبعد أن شرح له ذلك شرحًا تامًّا، قال: {ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: ٨٢].

٤ - وردت كلمة (تأوبل) في صحة ما ينبئ عنه القرآن، وأنه أمر محقق الوقوع. قال تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: ٣٩].

وإذا تأملنا هذه الآيات الكريمة، نستطيع أن ندرك الدقة في الفرق بين التفسير والتأويل من تعبيرات القرآن نفسها. فالمواضع التي عبر فيها بالتأوبل، بحاجة إلى الرويّة وإعمال الفكر، وإلى عملية عقلية. ولا أدل على ذلك من استعمال كلمة (التأويل) في شأن المتشابه وتأويل الرؤى وأمر موسى عليه السلام، وما حدث بينه وبين العبد الصالح الخضر.

أخرج الإمام البخاري عن السيدة عائشة رضي الله عنها، مرفوعًا إلى رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام، عند تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: ٧]، فإذا رأيتم الذين يتبعون ما

<<  <  ج: ص:  >  >>