للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله فاحذروهم (١).

ندرك من هذا إذًا أن استعمالات القرآن كما يشير الحس اللغوي، تفرق بين التفسير والتأويل. وإليه ذهب كثير من الكاتيين القدامى (٢) كما يعرف ذلك من كلامهم، ولقد أدرك الراغب الأصفهاني هذا الفرق بفهمه الدقيق للقرآن، فلقد كان رحمه الله على قدر عظيم من الثقافة اللغوية والدينية. فذكر في مقدمته (٣) فروقًا بين التفسير والتأويل منها:

١ - أن التفسير أعم. وأن التأويل أخص، وأن هذه الخصوصية أتت من جهتين اثنتين:

أ- إن التفسير بيان غريب الألفاظ، وبيان لفظة يستطاع بها فهم نص متضمن لها. أما التأويل فهو بيان الجمل ومعانيها. وهذا يؤكد ما سبق أن قلناه من أنّ التأويل بحاجة إلى الدقة وإعمال الفكر.

ب- إن التأويل أكثر ما يكون استعماله في الكتب الإلهية، وهذه الكتب بحاجة إلى أن يتروى فيها أكثر من غيرها، فلا يلقى الكلام فيها جزافًا، بخلاف التفسير فإنه يستعمل فيها وفي غيرها.

٢ - أن التفسير يختص بالرواية، والتأويل يختص بالدراية، والرواية لا تحتاج إلى إعمال الفكر، فإنها قول مسلم به ما دام قد ثبتت صحته.

إذا عرفنا هذا فلسنا مع صاحب روح المعاني (٤) الذي ينكر الفرق بين التفسير والتأويل من الناحية اللغوية، وإن كان يفرق بينهما من الناحية العرفية. وهذا


(١) كتاب التفسير ج ٦ ص ٤٢.
(٢) الجاحظ في مقدمة كتاب الحيوان ج ١ ص ٥، المفردات للراغب الأصفهاني.
(٣) مقدمة جامع التفاسير مع تفسير الفاتحة ومطالع البقرة/ الأصفهاني ص ٤٧.
(٤) مقدمة تفسير روح المعاني الآوسي ج ١ ص ٤ - ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>