للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نص عبارته: قال رحمه الله بعد أن بين بعض آراء المتقدمين (وعندي أنه إن كان المراد الفرق بينهما بحسب العرف، فكل الأقوال فيه، ما سمعتها وما لم تسمعها، مخالفة للعرف اليوم. إذ قد تعورف من غير نكير أن التأويل إشارة قدسية ومعارف سبحانية، تكشف من سجف العبارات للسالكين، وتنهلّ من سحب الغيب على قلوب العارفين. والتفسير غير ذلك، وإن كان المراد الفرق بينهما بحسب ما يدل عليه اللفظ مطابقة، فلا أظنك في مرية من رد هذه الأقوال، أو بوجه ما فلا أراك ترضى إلا أن في كل كشف إرجاعًا، وفي كل إرجاع كشفًا فافهم) ونستميح العلامة عذرًا وإن كنا لا ندانيه رتبة إن كان فهمنا قد خالف فهمه بل إن ما ذهب إليه -رحمه الله- من الفرق بينهما من حيث العرف، كان في زمنه هو، والعرف يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، ويظهر أن العرف في زماننا الآن غير ما ذكره رحمه الله.

وممّا تقدم، يكون مجال التفسير وميدانه:

أولًا: الروايات التي صحت عن المعصوم صلوات الله وسلامه عليه.

ثانيًا: تفسير الكلمات اللغوية التي هي من الغريب أو ما يشبهه، والتي لا اختلاف في فهمها عند اللغويين.

ومن هنا ندرك السّر فيما دعا به سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) (١) فلا يعقل أن يكون التأويل هو حفظ الروايات عن ظهر قلب.

وإذا أردت أن تتبين الفرق الواضح بين التفسير والتأويل، بعدما قلته ونقلته لك، فإني أذكرك بما ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله سبحانه: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} [البقرة: ٢٦٦] فقد روى البخاري أن عمر بن الخطاب قال: فيم ترون هذه الآية نزلت، قالوا: الله أعلم،


(١) أخرجه ابن ماجه رقم (١٦٦)، وأحمد (٢٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>