للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فغضب عمر فقال، قولوا نعلم أو لا نعلم فقال ابن عباس: (في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين) فقال عمر: يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك، قال ابن عباس (ضربت مثلًا لعمل، قال عمر: أي عمل؟ قال. (لرجل غني يعمل بطاعة الله عز وجل، ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله) (١).

وكذلك تفسيره لسورة النصر، فقد قال ابن عباس (كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكان بعضهم وجد في نفسه، فقال: لمَ يدخل هذا معنا، ولنا أبناء مثله، فقال عمر: إنه من قد علمتم، فدعاني ذات يوم فأدخلني معهم فما رأيت أنه دعاني يؤمئذ إلا ليريهم، قال: ما تقولون في قول الله تعالى {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فقال لي: (كذلك نقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا، قال فما تقول؟ قلت هو أجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلمه له، قال {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} وذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا، فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول (٢).

فالذي ذكره الحبر من باب التأويل، لا من باب التفسير، لأن التفسير كما قلنا من قبل هو بيان الروايات، أو التفسير اللغوي للكلمات، وما ذكره في تفسير الآية {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ} ليس من قبيل هذا ولا ذاك، حيث بين أنها ضربت مثلًا كما سيمر معنا. أما سورة النصر، فالذي ذكره الصحابة لعمر رضي الله عنه وعنهم جميعًا، وقد سألهم عن هذه السورة كان من قبيل التفسير، إنهم فسروا له الألفاظ التي جاءت في السورة الكريمة -كما سيمر معنا- أما ما فهمه ابن عباس -رضي الله عنهما- فقد كان من باب التأويل، لأنه كان وراء ما يفهم من اللفظ، فقد فهم من السورة الكريمة ما فهم لأن النبي عليه وآله الصلاة والسلام، أرسله الله ليبلغ


(١) البخاري (٦/ ٣٩) رقم الحديث ٤٥٣٨.
(٢) صحيح البخاري كتاب التفسير سورة النصر رقم الحديث ٣٦٢٧، ٤٩٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>