للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن دعوة سيد واضحة إلى وجوب الانشغال بالدعوة إلى الله تعالى، وتأسيس المجتمع الإسلامي، والانطلاق من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية في تأصيل قضايا المجتمع الإسلامي هذا، والنظر إلى الواقع وحاجاته وربط هذه القضايا الفقهية التي يبحثها بعض العلماء بحثًا فقهيًا نظريًا بعيدً عن الواقع- ربطها بروح هذا الدين وعقيدته، والعمل له بما يتناسب وتأسيس المجتمع الإسلامي الجديد، وأن يتم تأجيل الكثير من المباحث التحقيقية التفصيلية إلى حين إقامة هذا المجتمع.

يقول رحمه الله وهو يبين دور المنهج الرباني في بلوغه بالناس المستوى العالي والمتقدم ومستوى الكمال، يقول: وليس معنى هذا أن نلغي التنظيمات القضائية الجديدة، ولكن معناه أن نعرف أن القيمة ليست للتنظيمات، ولكن للروح التي وراءها أيًا كان شكلها وحجمها وزمانها ومكانها (١).

ويقول: والمنهج الإسلامي منهج واقعي لا يشتغل بقضايا ليست قائمة بالفعل، ومن ثم لا يشتغل أصلًا بأحكام تتعلق بهذه القضايا التي لا وجود لها من ناحية الواقع، إنه منهج أكثر جدية وواقعية من أن يشتعل بالأحكام، هذا ليس منهج هذا الدين، هذا منهج الفارغين الذين ينفقون أوقات الفراغ في البحوث النظرية وفي الأحكام الفقهية، حيث لا مقابل لها من الواقع أصلًا، بدلًا من أن ينفقوا هذه الجهود في إعادة إنشاء المجتمع المسلم وفق المنهج الحركي الواقعي لهذا الدين) (٢).

ونحن وإن كنا نوافق سيدًا في دعوته إلى ضرورة عدم الانشغال بكثير من القضايا اللازمة للمجتمع والدولة قبل تكوينها، فإننا لا نقره أبدًا في وصفه العلماء المشتغلين في قضايا الفقه بأنهم (فارغون) وأن منهجهم منهج الفارغين.

هذا هو اجتهاده فيما يراه من ضرورة انشغال العلماء والفقهاء، لكننا نرى أيضًا


(١) الظلال (٢/ ٧٧٧).
(٢) الظلال (٣/ ١٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>