وسيد قطب نفسه ومن قبله الدكتور محمد عبد الله دراز لم يدَّع أحد منهما الوحدة الموضوعية للسورة، وإن كان قد تحدث كل واحد منهما عن ملامح وشخصية السورة القرآنية.
نعود الآن إلى بعض الملاحظات التي سجلها الدكتور زياد على جهود سيد قطب في هذا المجال:
١ - يقول الدكتور زياد إن سيدًا (واجه صعوبة ملحوظة في تحديده لموضوع السور المكية على الإطلاق، فكم من سورة ذكر أنها تعالج موضوعات القرآن المكي) ص ١٢٨.
وهذا الكلام يحتاج إلى دليل أو تصريح من صاحب الشأن، وليس ذلك بممكن، ولا يجوز أن نعدّ الدليل على ذلك اختياره لموضوع واحد تحدده أكثر من سورة.
فكونه يرى أن أكثر من سورة تعالج موضوعًا واحدًا أو موضوعات متقاربة لا يعني أبدًا أنه واجه صعوبة ملحوظة في تحديده لموضوع السور المكية على الإطلاق، ونحن نعلم -كما أسلفنا- أن هذه الأمور مردها إلى الاجتهاد، وكان هذا رأيه في ذلك.
ثم إن سيدًا كان يصرح بهذا الاتفاق في الموضوع أو التقارب في الموضوعات، مما يدل على أن هذا رأيه، وليس ذلك تابعًا عن صعوبة في تحديد الموضوع، وهو يقرر أيضًا أن الجديد هو أسلوب العرض في كل سورة، وهذا أمر لا يختلف فيه اثنان.
والدكتور الدغامين يعلق في هذا المجال ويبين أنه (على ذلك يصبح المميز للسورة هو أسلوبها وطريقة عرضها وليس موضوعها، ومن ثم لا يمكن الاعتداد بالوحدة الموضوعية في السورة) ص ١٢٩.
وهذا كلام غريب، فما المانع أن يكون المميز للسورة هو أسلوبها وطريقة عرضها، وهل يمنع هذا أن يكون للسورة موضوع معين قد تتفق فيه مع سورة أخرى أو أكثر عن سورة في بعض، جوانبه.