ونحن نعلم أن من أسلوب القرآن الكريم أن يعرض بعض الموضوعات المهمة كقضايا العقيدة أكثر من مرة، وكل مرة بأسلوب جديد لغاية جديدة.
ثم من قال إن اتفاق بعض السور في موضوع واحد يمنع من الاعتداد بالوحدة الموضوعية، وهل الوحدة الموضوعية -على ما قلناه في الوحدة الموضوعية من قبل- يحتمه الوحي ويفرضه الشرع ويمنع من مخالفته؟ .
إن هذه القضايا يجب أن تجلى وتوضح في أذهان كثير من الدارسين حتى لا تزلّ أقدامهم عن طريق الحق في نظرتهم لجهود العلماء.
٢ - ونرى أيضًا أن الدكتور الدغامين يلاحظ على سيد قطب في تحديده للوحدة الموضوعية لسور القرآن تشابه سور معدودة في موضوعها وطريقة عرضها وإيقاعها) ص ١٢٩.
وأتساءل هنا: هل هذه قضية يعاب بها سيد وجهوده؟ إن اجتهاد سيد قد أوصله إلى هذا الرأي، وهو لا يرى مانعًا من هذا التشابه أو التقارب، والدكتور زياد لما كان يرى غير ذلك -وهو رأي اجتهادي، حيث يرى أن لكل سورة موضوعًا واحدا فليس له الحق أن يعيب على غيره اجتهاده، ثم إن نظرته فيما طبقه على سورة الحجر لايسلم له فيها كما قلنا.
٣ - لكن الذي يحتاج إلى وقفة أطول ومراجعة أدق من كلام الدكتور زياد السابق هو حديثه عن أسلوب القرآن والاحتكام إليه:
يقول: وأرى كذلك أن الاحتكام إلى الأسلوب بحيث يكون هو المميز للسورة أمر مشكل، إذ يلزم كل باحث في سورة ما أن يبين كيفية الاختلاف من سورة إلى سورة في تناولها لموضوع ما من حيث أسلوبها، فلو درسنا موضوع البعث -الذي تناولته سور كثيرة جدًّا- في سورة (ق) مثلًا، فهل يلزمنا أن نبين الفرق في الأسلوب بين (ق) وتلك السور الكثيرة الأخرى التي تناولت موضوع البعث والنشور؟
وليعلم أنني لا أقلل بهذا من شان الذوق في فهم وإراك إعجاز القرآن. في نظمه ولغته وأسلوبه) ض ١٣٠.