للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (إن الله يحب المقسطين) تذبيل مقرر لما قبله من وجوب الحكم بينهم بالعدل، إذا ما اختاروا أن يقضي بينهم.

يقال: أقسط الحاكم في حكمه، إذا عدل وقضى بالحق، فهو مقسط أي عادل ومنه قوله -تعالى- (إن الله يحب المقسطين).

روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن. وكلتا يديه يمين. الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلوا) (١).

هذا، ومن الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآية الكريمة ما يأتي:

١ - أن أكل السحت حرام سواء أكان عن طريق الرشوة أم عن أي طريق محرم سواها.

ولقد كان السابقون من السلف الصالح يتحرون الحلال. وينفرون من الحرام، بل ومن الشبهات (وكانوا يرون أن تأييد الحق ودفع الباطل واجب عليهم، وأنه لا يصح أن يأخذوا عليه أجرًا ...

قال ابن جرير: شفع مسروق لرجل في حاجة فأهدى إليه جارية فغضب مسروق غضبًا شديدًا وقال: لو علمت أنك تفعل هذا ما كلمت في حاجتك، ولا أكلمه فيما بقي من حاجتك. سمعت ابن مسعود يقول: من شفع شفاعة ليرد بها حقًّا، أو يرفع بها ظلمًا، فأهدى له، فقبل، فهو سحت .. ).

وعن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به. قيل يا رسول الله وما السحت؟ قال: الرشوة في الحكم).

وعن الحكم بن عبد الله قال: قال لي أنس بن مالك: إذا انقلبت إلى أبيك فقل له: إياك والرشوة فإنها سحت. وكان أبوه على شرط المدينة) (٢).


(١) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة جـ ٦ ص ٧.
(٢) تفسير ابن جرير جـ ٦ ص ٢٤٠ - بتصرف يسير-.

<<  <  ج: ص:  >  >>